ومجالي لصفات ربه وكمال بارئه.
إذا نظرنا إلى الكون بالنظر التجزيئي ترى هناك أوائل الأفعال وثوانيها وثوالثها و.. فيقع الداني في خدمة العالي ويكون الغرض من إيجاد العالي إيصاله إلى كماله الممكن الذي هو أمر جميل بالذات ولا يطلب إيجاد الجميل بالذات غاية سوى وجوده لأن الغاية منطوية في وجوده.
هذا إذا نظرنا إلى الكون بالنظر التجزيئي.
وأما إذا نظرنا إلى الكون بالنظر الجمالي فالغاية للنظام للجميل ليس أمرا خارجا عن وجود النظام حتى يسأل عنه بالنحو الوارد في الدليل بل هو عبارة عن الخصوصيات الموجودة فيه وهي بلوغ النظام بأبعاضه وأجزائه إلى الكمال الممكن، والكمال الممكن المتوخى من الايجاد خصوصية موجودة في نفس النظام ويعد صورة فعلية له، فالله سبحانه خلق النظام وأوجد فعله المطلق حتى يبلغ ما يصدق عليه فعله كلا أو بعضا إلى الكمال الذي يمكن أن يصل إليه فليست الغاية شيئا مفصولا، عن النظام حتى يقال ما هي الغاية لهذه الغاية حتى يتسلسل أو يصل إلى موجود لا غاية له.
وبما أن إيصال كل ممكن إلى كماله، غاية ذاتية لأنه عمل جميل بالذات فيسقط السؤال عن أنه لماذا قام بهذا، لأنه حين أوصل كل موجود إلى كماله الممكن فالسؤال يسقط إذا انتهى السؤال عن الأم الجميل بالذات.
فلو سألنا عن الغاية لأصل الايجاد وإبداع النظام لقلنا بأن الغرض من الايجاد عبارة عن إيصال كل ممكن إلى كماله الممكن ثم إذا طرح السؤال عن الهدف من إيصال كل ممكن إلى كماله الممكن، لكان السؤال جزافيا ساقطا لأن العمل الحسن بالذات، يليق أن يفعل والفعل والغاية نفس وجوده.
فالإيجاد فيض من الواجب إلى الممكن، وإبلاغه إلى كماله فيض آخر، يتم به الفيض الأول فالمجموع فيض من الفياض تعالى إلى الفقير المحتاج ولا ينقص من خزائنه شئ فأي كمال أحسن وأبدع من هذا، وأي غاية أظهر من