وأما الجواب التفصيلي عن الأسئلة الثلاثة فإليك بيانه:
أما الأول، فلأن المثل محال بالذات أن يقع في إطار القدرة والمطالبة بخلقه، مطالبة بأمر محال.
وببيان آخر، إن القيام بخلق المثل يستلزم اجتماع الضدين في شئ واحد، فبما أن المفترض وجوده مثله سبحانه، يجب أن يكون واجبا لا ممكنا، قديما لا حادثا، غير متناه لا متناه. وبما أنه تعلقت به القدرة وهي لا تتعلق إلا بشئ غير موجود، يجب أن يكون حادثا لا قديما، ممكنا لا واجبا، متناهيا لا غير متناه. وهذا ما قلناه من أنه يستلزم اجتماع الضدين في شئ واحد.
وبهذا تتبين الإجابة عن السؤال الثاني. فإن عدم تعلق القدرة بجعل الشئ الكبير في الظرف الصغير، هو من جهة كونه غير ممكن في حد ذاته.
إذ البداهة تحكم بأن الظرف يجب أن يكون أكبر من مظروفه، هذا من جانب ومن جانب آخر، لو جعل الكبير في الظرف الصغير يلزم نقيضه أي كون الظرف أصغر من مظروفه. فالقيام بهذا الايجاد يستلزم كون شئ واحد أعني الظرف أو المظروف في آن واحد صغيرا وكبيرا.
وأما السؤال الثالث، فلأن المفترض محال لاستلزامه المحال بالذات، ففرض خلقه سبحانه شيئا لا يقدر الخالق على إفنائه، لا ينفك عن المحال بيانه:
إن الشئ المذكور بما أنه أمر ممكن فهو قابل للفناء، وبما أنه مقيد بعدم إمكان إفنائه فهو واجب غير ممكن. فتصبح القضية كون شئ واحد ممكنا وواجبا، قابلا للفناء وغير قابل له.
وبعبارة أخرى: إن كونه مخلوقا يلازم إمكان إفنائه، لأن المخلوق