إلى موسى: " يا موسى! ما لك ولدار الظالمين! إنها ليست لك بدار، أخرج منها همك وفارقها بعقلك فبئست الدار هي، إلا لعامل يعمل فيها فنعمت الدار هي، يا موسى! إني مرصد للظالم حتى آخذ منه للمظلوم ". وأوحى إليه: " يا موسى! لا تركنن إلى حب الدنيا، فلن تأتين بكيرة هي أشد منها ". ومر موسى (ع) برجل وهو يبكي، ورجع وهو يبكي، فقال موسى: " يا رب! عبدك يبكي من مخافتك "، فقال تعالى: " يا بن عمران!
لو نزل دماغه مع عينيه ورفع يديه حتى يسقطا لم أغفر له وهو يحب الدنيا! ".
وقال أمير المؤمنين (ع) - بعد ما قيل له صف لنا الدنيا -: " وما أصف لك من دار من صح فيها سقم، ومن أمن فيها ندم، ومن افتقر فيها حزن، ومن استغنى فيها افتتن، في حلالها الحساب، وفي حرامها العقاب ".
وقال (ع): " إنما مثل الدنيا كمثل الحية، ما ألين مسها وفي جوفها السم الناقع، يحذرها الرجل العاقل ويهوى إليها الصبي الجاهل ". وقال في وصف الدنيا: " ما أصف من دار أولها عناء وآخرها فناء، في حلالها حساب وفي حرامها عقاب، من استغنى فيها فتن، ومن افتقر فيها حزن، ومن ساعاها فاتته، ومن قعد عنها أتته، ومن بصر بها بصرته، ومن أبصر إليها أعمته ". وقال عليه السلام في بعض مواعظه: " ارفض الدنيا، فإن حب الدنيا يعمي ويصم ويبكم ويذل الرقاب، فتدارك ما بقي من عمرك، ولا تقل غدا وبعد غد، فإنما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الأماني والتسويف حتى أتاهم أمر الله بغتة وهم غافلون، فنقلوا على أعوادهم إلى قبورهم المظلمة الضيقة، وقد أسلمهم الأولاد والأهلون، فانقطع إلى الله بقلب منيب من رفض الدنيا وعزم ليس فيه انكسار ولا انخزال ". وقال عليه السلام " لتغرنكم الحياة الدنيا، فإنها دار بالبلاء محفوفة، وبالفناء معروفة، وبالغدر موصوفة، فكل ما فيها إلى زوال، وهي بين أهلها دول وسجال، لا تدوم أحوالها، ولا يسلم من شرها نزالها، بينا أهلها منها في رخاء وسرور إذا هم منها في بلاء وغرور، أحوال مختلفة، وتارات متصرمة، العيش فيها مذموم، والرخاء فيها لا يدوم، وإنما أهلها فيها أغراض مستهدفة ترميهم بسهامها، وتفنيهم بحمامها. واعلموا عباد الله إنكم وما أنتم فيه من