التطهير به واما الاجماعات والأخبار الدالة على عدم جواز الانتفاع بأعيان النجاسات وما بحكمها من المايعات المتنجسة بدعوى أن التطهير بها نحو من الانتفاع فلا يجوز مع أنه جائز قطعا فيجب أن لا يكون نجسا * (وفيه) * ان تلك الأخبار والاجماعات لا تعم ما لو حصلت النجاسة بنفس الانتفاع لما أشرنا إليه من أن ما هو من توابع الحكم لا يمكن اخذه قيدا للموضوع وكيف كان فلا يمكن استفادة عدم انفعال الماء بهذه الملاقاة من شئ من تلك الموارد * (واما) * القاعدة الثالثة وهي ان كل نجس منجس فلا يكون مطهرا فهي أيضا قاعدة مسلمة ولا تحتاج إلى التتبع الا انها متخصصة جزما لان النقض بها مشترك الورود لان الالتزام بعدم انفعال الماء بالمحل ليس بأولى من التزام عدم انفعال المحل بالماء النجس بل الثاني أولى وأقرب من الذهن بل هو في الحقيقة بنظر العقل تخصص لا تخصيص لان ما تأثر عن الشئ يمتنع ان يؤثر فيه بمثل الأثر الموجود نعم يمكن ان يؤثر فيه خلافه بنقل ما فيه إلى نفسه ولذا لا يلتفت الذهن في بادي النظر إلى المنافاة بين هذه القاعدة المسلمة وبين نجاسة الغسالة مع حصول التطهير بها بل يجعلها من اثارها وهذا بخلاف ما لو القى عليه طهارة الغسالة كماء الاستنجاء فإنه يستغربه ويدرك المنافاة بينهما في بادي النظر وسره ما أشرنا إليه من أنه لما كان منفعلا بالمحل لا يتعقلون انفعال المحل به ثانيا حتى يكون منافيا للقاعدة المغروسة في أذهانهم ومن أدلة القائلين بالطهارة طوائف من الاخبار * (منها) * ما ورد في تعليل طهارة ماء الاستنجاء في رواية يونس بن عبد الرحمن عن رجل عن العسر أو عن الأحول بعد نفى البأس عن الثوب الذي اصابه قال أو تدرى لم صار لا بأس به قلت لا والله فقال إن الماء أكثر من القدر وفيه أن الاخذ بعموم العلة يستلزم المصير إلى ما ذهب إليه العماني والخصم لا يقول به والتأويل مشترك وحمله على مطلق الغسالة ليس بأولى من الالتزام بكونها علة الطهارة خصوص الماء الاستنجاء * (هذا) * مع أن هذا الدليل لو تم لدل على طهارة ما يستعان به لإزالة العين لان مورده ماء الاستنجاء والمراد من القذر في الرواية هو البول أو العذرة الموجودة في محل النجو فأول مرتبة يتخطى إليها عن مورد النص ليس إلا الماء المستعمل لإزالة عين البول والعذرة في غير مورد النجو مع أن الخصم لا يقول بها كما اعترف به في بعض كلماته فعلى الخصم أيضا ان يلتزم باختصاص العلة المنصوصة بموردها * (ومنها) * ما ورد في غسالة الحمام التي لا تنفك غالبا عن الماء المستعمل في إزالة النجاسة مثل مرسلة الواسطي عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن (ع) انه سئل عن مجمع الماء في الحمام من غسالة الناس قال لا بأس به * (وفيه) * انه كما لا تنفك غالبا عن الماء المستعمل كذلك لا تنفك غالبا عن ملاقاة النجس كما يشهد بذلك مضافا إلى العرف والعادة الأخبار الدالة على أن دخول اليهودي والنصراني والمجوسي في حماماتهم كان متعارفا في تلك الأزمنة فعلى هذا ان تم الاستدلال بهذه الرواية واغمض عن معارضتها بغيرها لوجب الالتزام بعدم الانفعال [مط] والخصم لا يقول به فلابد اما من حملها على ما وقع الخلاف في حكمها بين العلماء وهي الغسالة التي لم يعلم نجاستها أو على المياه المجتمعة في الحمام المتصلة بالمادة ولو بجريان الماء إليها من الحياض الصغار كما يؤيده ما رواه محمد بن إسماعيل عن حنان قال سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله عليه السلام انى ادخل الحمام في السحر وفيه الجنب وغير ذلك فأقوم واغتسل فينتضح على بعد ما أفرغ من مائهم قال أليس هو جار قلت بلى قال لا بأس به أو حملها على غيره من المحامل بل الانصاف ان هذه الرواية في حد ذاتها مجملة فان الغسالة التي سئل عن حكمها غير معلوم حالها لاحتمال كونها مقدار الكر كما هو الغالب في مجمع غسالة الحمام والعادة قاضية بعدم انفكاك مثل هذا الماء بعد فرض وجوده في الحمام عن الاتصال بما يتزائد عن الحياض الصغار حين اتصالها بالمادة فيحتمل ان يكون الوجه في نفى البأس صيرورته طاهرا لأجل الاتصال بالماء العاصم ولو في بعض الأزمنة فيبقى على طهارته إلى أن يغيره النجاسة أو يكون الوجه فيه اباء الماء البالغ حد الكر عن تحمل النجاسة كما هو قول بعض أو يكون المراد منه المياه المجتمعة التي لم يعلم ملاقاتها للنجس ومع تطرق مثل هذه الاحتمالات كيف يمكن الاستدلال بها لطهارة الغسالة مع مخالفتها للأصول والقواعد المتقنة * (ومنها) * ما ورد من امر النبي صلى الله عليه وآله بتطهير المسجد من بول الأعرابي بصب ذنوب من الماء عليه فعن الخلاف ان النبي صلى الله عليه وآله لا يأمر بطهارة المسجد بما يزيده نجسا فيلزم ان يكون الماء باقيا على طهارته وفيه أن راويه على ما في محكى المعتبر أبو هريرة قال بعد حكايتها انها عندنا ضعيفة الطريق ومنافية للأصول لأنا بيننا ان الماء المنفصل عن محل النجاسة نجس تغير أم لم يتغير لأنه ماء قليل لاقى نجسا * (أقول) * وفيه أيضا انها قضية في واقعة لم يعلم وجهها الاحتمال ان يكون الامر بصب الذنوب بعد جفاف البول أو لزوال عينه حتى يطهره الشمس بالتجفيف والله العالم * (واستدل) * أيضا باخبار اخر لا يخفى على الناظر ما فيها * (نعم) * يمكن الاستدلال بترك الاستفصال في رواية محمد بن نعمان عن أبي عبد الله (ع) قلت له استنجى ثم يقع ثوبي فيه وانا جنب فقال (ع) لا بأس لاحتمال إرادة السائل اختلاط الماء المستعمل في إزالة الجنابة بماء الاستنجاء فترك الاستفصال يدل على عموم الجواب * (ودعوى) * ان الاستنجاء حقيقة في غسل موضع النجو فلا يصح حمل كلام السائل على الأعم * (مدفوعة) * بعد تسليم أصل الدعوى بغلبة استعماله في الأعم واشعار كلام السائل بإرادته * (و) * يتوجه عليه مضافا إلى أنه لو تم ترك الاستفصال دليلا لاقتضى طهارة ما يستعان به لإزالة العين لعين ما مر انه يعارضها في خصوص موردها رواية سماعة الواردة في كيفية غسل الجنابة قال أبو عبد الله (ع) فيها بعد أن امره بغسل كفيه وفرجه وغير ذلك
(٦٣)