لا يطهر من النجاسة الا بايراد كر من الماء عليه وذلك يشق فدل على أن الماء إذا ورد على النجاسة لا يعتبر فيه القلة ولا الكثرة كما يعتبر فيما ترد النجاسة عليه قال محمد بن إدريس وما قوى في نفس السيد صحيح مستمر على أصل المذهب وفتاوى الأصحاب انتهى وحاصل هذا الاستدلال دعوى الملازمة بين تطهير الثوب وطهارة الماء وفيه منع الملازمة اما عقلا فواضح إذ لا امتناع عقلا في كون اجتماع النجسين سببا لتطهيرهما كما في الماء النجس المتمم كرا بنجس اخر وقد ذهب بعض الأصحاب إلى طهارتهما أو سببا لتطهير أحدهما خاصة كما في حجر الاستنجاء فإنه سبب لتطهير المحل بشرط الانفصال فكذا فيما نحن فيه واما نقلا فلا يدل عليه عدا ما يدعى من الاجماع بل الضرورة على اشتراط طهارة الماء المستعمل في التطهير وكذا القاعدة المستفادة من الشرع من أن كل نجس منجس فلا يكون مطهرا لاستحالة كون شئ علة لشئ ولضده أو نقيضه ومن المعلوم عدم شمول القاعدتين لمحل النزاع كما سنوضحه [انش] واعترض عليه تارة بأنه أخص من الدعوى إذ لو تم لا يتم الا في الغسلة المطهرة دون سائر الغسلات فيما يحتاج إلى التعدد فضلا عن مطلق الماء الوارد كما هو مطلوب السيد [ره] وأخرى بأنه أعم حصول التطهير بورود النجس على الماء أيضا كما هو مختار كثير من الأصحاب ويمكن الاعتذار عن السيد بأنه لما رأى تعذر التفكيك بين مصاديق الماء الوارد بالنظر الا ظواهر الأدلة لاستلزامه دعوى مدخلية بعض الأمور التي يعلم بعدم مدخليتها في الحكم جعل ثبوت الحكم البعض المصاديق كاشفا عن خروج مطلقا الماء الوارد عن تحت قاعدة الانفعال واما عن الثاني فبمنعه حصول التطهير في الصورة المفروضة كما نسب إليه من اعتبار الورود في التطهير فلا يتوجه عليه الاعتراض * (ومنها) * انه يستفاد من تتبع الاخبار وكثير من الاجماعات في غير المقام قاعدة كلية وهي ان المتنجس لا يطهر بل مما دل على نجاسة الماء القليل نفسه لان معناه انه لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا والنقض بحجر الاستنجاء منقوض بماء الاستنجاء على القول بالنجاسة وحله ان القواعد الشرعية التعبدية قابلة للتخصيص كالعمومات فلابد في رفع اليد عنها من وجود دليل معتبر وهو مفقود في المقام لانحصاره في قاعدة الانفعال الممنوع عمومها أولا وعدم تكافؤها ثانيا وعلى تقدير التكافؤ فالمرجع قاعدة الطهارة واستصحابها والظاهر أن مراد المستدل من الاخبار والاجماعات هي الأخبار الدالة على عدم جواز الانتفاع بالمايعات النجسة ونظائرها والاجماعات الحاصلة في تلك الموارد * (وكيف) * كان فنقول ما يمكن ان يدعيه المتتبع مما هو مرتبط بالمقام قواعد ثلاث إحداها ان يدعى أنه يستفاد من الاخبار والاجماعات ان المطهر يبقى على طهارته إلى زمان حصول التطهير وانقضائه لا لأجل توقف لتطهير عليها بل لكونها حكما شرعيا تعبديا في موضوع كلى فيكون الحكم في المطهر في جميع الموارد الطهارة كماء الاستنجاء الثانية انه يشترط ان يكون المطهر طاهرا في نفسه ولعله إلى هذا ترجع دعوى المستدل لأن الظاهر أن غرضه من قوله ان المتنجس لا يطهر انه يشترط في المطهر أن لا يكون نجسا الثالثة ان المتنجس منجس فلا يكون مطهرا * (اما) * القاعدة الأولى فان أقام المدعى عليها بنية فلا شبهة في أنها مجدية له بل هي عين مقصوده الا انه كيف تسمع هذه الدعوى من مدعيها وانى له طريق إلى معرفة هذا الحكم التعبدي لان طريق معرفته منحصر بورود نص خاص فيه أو في بعض جزئياته ومن المعلوم أنه لا ينهض على اثباته شئ من هذه الأمور اما النص أو الاجماع عليه بعنوانه الكلى فمعلوم انتفائه وكذا في بعض جزئياته التي يمكن اتمام القول فيما عداها بالاجماع بل لو تم ذلك لتم في اثبات النجاسة لما عرفت من دعوى الاجماع على النجاسة عن المنتهى والتحرير في بعض مورد النزاع وهو ما إذا كان على بدن المغتسل نجاسة واما الاستقراء في جزئياتها فمعلوم انه لا ينفع لان الامر في جميع ما عدا محل النزاع واضح ولا يورث التتبع مزيد علم حتى يؤثر في الظن بثبوت الحكم للعنوان الجامع بين المصاديق فضلا عن الجزم الذي عليه يبتنى حجية الاستقراء لان من المطهرات مالا يتصف بالطهارة والنجاسة كالشمس وذهاب الثلثين * (ومنها) * ما نعلم تنجسه حال الاستعمال كالأرض وتراب التعفير وحجر الاستنجاء * (ومنها) * ما علم عدم تنجسه كالماء الكثير والجاري وماء الاستنجاء وما عداها محل النزاع فالتتبع فيها لا ينفع بعد فرض انه ليس في شئ منها دليل خاص تعبدي ينحسم به مادة النزاع ودعوى استفادة هذا الحكم التعبدي من الاحكام الاخر بديهية الفساد إذ لا مناسبة بينهما فلا يمكن استفادته منها بنحو من انحاء الاستفادة حتى بالقياس واما القاعدة الثانية فهي مسلة لا تحتاج إلى التتبع بل هي في خصوص الماء الذي هو محل حاجتنا كادت تكون من ضروريات المذهب الا ان ما هو شرط في التطهير انما هو طهارته من غير جهة التطهير فلا مانع من أن يكون التطهير سببا لتنجيس المطهر واما طهارته من هذه الجهة بمعنى عدم تأثره من الملاقاة فلا بل لو فرض وقوع التصريح بهذه القاعدة في النصوص والفتاوى لم يكن يستفاد منها أزيد من ذلك لان ما هو من فروع الحكم لا يمكن اخذه قيدا في موضوع القضية فلا يستفاد من مثل قولنا يشترط في المطهر ان يكون طاهرا أولا يكون مستعملا في رفع الحدث أزيد من اشتراط طهارته وعدم كونه مستعملا من حيث هو مع قطع النظر عن استعماله في التطهير واما انه يشترط فيه عدم انفعاله بهذا الاستعمال إلى أن يحصل الفراغ من التطهير فلا يعمه هذا الكلام بل لو ثبت بدليل اخر من اجماع ونحوه انه لا ينفعل بهذا الاستعمال ما دام التشاغل بالفعل لكان ذلك حكما تعبديا شرعيا ثابتا لموضوع المطهر ككونه مطهرا لا شرطا في مطهريته * (فليتأمل) * والحاصل ان المسلم من الاشتراط انما هو خلوا المطهر عن نجاسة خارجية واما عدم انفعاله بالملاقاة الحاصلة في ضمن التطهير فلا هذا مع أن مدرك هذه القاعدة اما القاعدة الثالثة وسنتكلم فيها واما الاخبار الامرة بإراقة الماء ونظائرها مما يستفاد منها عدم جواز
(٦٢)