خلاف ظاهر القضية الشرطية لان ظاهرها كون الشرط سببا مستقلا للجزاء فلا يعقل تواردهما على معلول واحد شخصي وما يقال من أن العلل الشرعية معرفات فلا يمتنع تواردها على معلول واحد ممالا * (محصل) * له ولا يقاس المقام بما لو اختلفت الجزاءات مهية وتصادقت على فرد حيث نلتزم بكفاية ايجاد الفرد الجامع للعناوين في امتثال الجميع كما لو قال إن جاءك زيد فأكرم فقيرا وان جاءك عمرو فأكرم هاشميا فإنه يجوز له في الفرض الاقتصار في امتثال كلا الامرين على اكرام فقير هاشمي لان اختلاف الطبيعتين ذاتا كاف في امكان كون كل منهما معروضا للوجوب في حد ذاته واطلاق الطلب في كل منهما يقتضى جواز امتثاله في ضمن أي فرد من افراد كل من الطبيعتين فلا مانع من ايجاد كلتا الطبيعتين بوجود واحد في ضمن الفرد الجامع بقصد امتثال الجميع واما بعد فرض اتحاد مهية الجزاء كما فيما نحن فيه فيمتنع تعلق حكمين متضادين أو متماثلين بها الا بلحاظ وجوداتها المتكثرة وسيجئ للمقام مزيد توضيح وتحقيق في مبحث الوضوء عند تعرض المصنف [ره] لتداخل الأغسال وكذا لا يقاس بما لو قال القائل ان زنى زيد فاقتلوه وان سرق فاقتلوه وان ارتد فاقتلوه في أن توارد الأسباب لا يوجب الا تأكد الوجوب لا تعدد الواجب لأن عدم تأثير كل من الأسباب في ايجاب مستقل في المثال منشأه عدم قابلية المحل للتأثر لا قصور السبب عن التأثير ومن المعلوم ان قابلية المحل من شرايط التأثير عقلا فالكلام في مسألة التداخل انما هو فيما إذا أمكن التأثير نعم نظيره فيما نحن فيه ما إذا توارد أسباب متعددة لنزح الجميع وهذا خارج عن موضوع المبحوث عنه وانما الكلام فيما إذا أمكن تضاعف النزح بتعدد أسبابه وحيث إن المفروض امكان تضاعف النزح وتمامية السبب في ايجابه بمقتضى ظواهر الأدلة فيجب ان يتعدد بتعدده الأثر ويتضاعف النزح فعلى الخصم اما إقامة الدليل على أن الأثر الحاصل من هذه الأسباب المختلفة المقتضية لايجاب النزح أعني انفعال البئر بهذه الأمور امر وحداني بسيط غير قابل للتعدد والاشتداد كالحدث الأصغر الحاصل من أسباب مختلفة وكنجاسة الثوب الحاصلة من ملاقاة البول أو غيره فلا يكون تعدد الأسباب الا مؤكدا لوجوب نزح المقدار المعين المزيل لهذا الأثر الخاص بحكم العقل واما اثبات ان نزح الأربعين مثلا رافع لمطلق الأثر الحاصل في البئر مما لا يزداد نزحه على الأربعين واحدا كان الأثر أم متعددا لا سبيل له إلى الأول خصوصا بعد ملاحظة اختلاف المقدرات الكاشف عن مغائرة مقتضياتها * (واما الثاني) * فقد يستدل له باطلاق الامر بالجزاء لأنه إذا قال الشارع إذا اغتسل الجنب في البئر فانزح سبع دلاء وإذا مات الفارة فيها فانزح سبع دلاء فمقتضاه كفاية نزح السبع مطلقا لكل من السببين والا للزم تقييد اطلاق السبع بما عدا السبع التي نزحتا ولا من دون دليل * (وفيه) * ان كونه تقييدا في الجملة مسلم ولكن الدليل عليه هو اطلاق الشرط بضميمة حكم العقل باستحالة تعلق وجوب آخر بتلك الطبيعة الا بلحاظ تحققها في ضمن فرد آخر فمعنى التشبث باطلاق الجزاء رفع اليد عن اطلاق الشرط وتقييد سببيته بما إذا لم يسبقه سبب اخر فأين يبقى [ح] جزاء حتى يتشبث باطلاقه وتمام التحقيق في مسألة التداخل نعم للخصم ان ينكر اطلاقات الأدلة بان يقول عمدة المستند في الباب هي الاجماعات المحكية أو المحققة ومن المعلوم انها في محل الكلام غير مجدية * (واما) * الاخبار فأغلبها وردت جوابا عن الاسئولة التي ظاهرها الاستفهام عن حكم البئر التي تجددت نجاستها بما وقع فيها وما عداها من الأخبار المطلقة فأغلبها غير معمول بها بظاهرها فلا يبقى فيها ما يمكن الاستدلال باطلاقها الا أقل قليل وقد أشرنا فيما سبق إلى أن دعوى الانصراف فيها أيضا غير بعيدة الا انه لا بد من التأمل التام في كل واحد واحد من اخبار الباب وحيث انا قوينا طهارة البئر و استحباب النزح فلا يهمنا مثل هذه التدقيقات بعد البناء على المسامحة ووضوح رجحان الاحتياط فتلخص لك ان الأوفق بالقواعد مع وجود دليل لفظي صالح لان يتملك باطلاقه انما هو تضاعف النزح ولكن مع ذلك أيضا في تضعيفه مع التماثل بان يقع في البئر افراد متعددة من نوع واحد من النجاسات ولو تدريجا بحيث يعد في العرف كل وقعة مصداقا مستقلا للطبيعة تردد لامكان دعوى القطع بأنه لا يفهم عرفا من اطلاقات الاخبار ولو لأجل الأمور المغروسة في أذهانهم الا كونها مسوقة لبيان كيفية تطهير البئر إذا انفعلت بملاقاة النجاسة الموجودة فيها من دون ان يكون لكيفية حدوثها في البئر كوقوعها دفعة أو دفعات مدخلية في الحكم فمعنى قوله إذا وقعت العذرة في البئر فانزح عشر دلاء على ما يساعد عليه الفهم العرفي ان البئر المنفعلة بهذه النجاسة مطهرها عشر دلاء وهذا المعنى وان كان مقتضاه تخصيص التأثير بالفرد الأول والغاء الشرطية بالنسبة إلى ما عداه من الافراد الا انه لا ضير فيه بعد مساعدة العرف عليه بل لنا ان نقول إن المتبادر من قوله إذا وقعت العذرة في البئر فانزح عشر دلاء أو إذا اغتسل الجنب فانزح سبع دلاء انما هو سببية طبيعة الشرط أعني ملاقاة العذرة أو اغتسال الجنب من حيث هي بلحاظ تحققها في الخارج لثبوت الجزاء من دون ان يكون لخصوصياتها الشخصية مدخلية في ثبوت الحكم ومعلوم ان الطبيعة من حيث هي لا تقبل التكرر وانما المتكرر افرادها التي لا مدخلية لخصوصياتها في الحكم وقضية كون السبب هي الطبيعة عند تحققها في ضمن افراد متدرجة انما هي حصول المسبب بتحققها في ضمن الفرد الأول وكون سائر الافراد أسبابا شأنية فيكون تحققها في ضمن الفرد الثاني بمنزلة بقائها في ضمن الفرد الأول بعد حصول المسمى فكما عدم تأثيرها ثانيا في الفرض الثاني ليس منافيا لظاهر الدليل كذلك في الفرض الأول واتصاف ملاقاة العذرة مثلا التي هي السبب بالوحدة عند استدامتها إلى الزمان الثاني وبالتعدد عند تجددها في ضمن الفرد الثاني انما يصلح فارقا إذا كان الحكم
(٤٣)