الزمان خروج هذا الدم المحبوس من حيث هو فلا يضم إليه زمان خروج ما رأته سابقا مما زاد عن رزق الولد والحاصل انه لا يفهم من ذلك هذا النحو من الشرائط التعبدية التي لا يجوز التخطي عن موردها ولذا لا يتوهم أحد اشتراط عدم مجاوزة النفاسين المتلاحقين العشرة فمن الجائز ان يكون الحيض المتعقب بالنفاس كالنفاس المتعقب بنفاس اخر فالتفصيل المذكور مما لاوجه له واما الاستدلال لأصل المدعى بروايتي عمار وزريق ففيه انهما لا تدلان الا على أن ما تراه في أيام الطلق ليس بحيض وهذا لا ينافي امكانه وعدم اشتراطه في الواقع بالفصل بأقل الطهر بل خبر زريق كاد ان يكون صريحا في امكانه وانما حكم بكونه طهرا ترجيحا للظاهر على ما تقتضيه قاعدة الامكان من الحكم بكونه حيضا بل قد عرفت في محله ان قاعدة الامكان لا يمكن التشبث بها عند احراز سبب يقتضى خروج دم آخر من الجوف كقرح أو جرح ومن المعلوم ان إصابة الطلق بمنزلتهما فإنما مظنة فتق الرحم الموجب السيلان الدم كما وقع التعليل به في الرواية ففي مورد الروايتين لولا الروايتان أيضا لكان مقتضى القاعدة الرجوع إلى استصحاب الطهارة واضعف من الكل الاستدلال له بصحيحة ابن المغيرة فان مضمونها غير محل الخلاف ودعوى عدم القول بالفصل ممنوعة بل لا يبعد ان يكون كل من هو مخالف في المقام مفصلا بين المسألتين إذا الظاهر عدم الخلاف في تلك المسألة بل قد عرفت دعوى الوفاق عليها فالأظهر جواز كون ما رأته قبل النفاس حيضا من دون اشتراطه بالفصل بأقل الطهر ولا بعدم مجاوزته بضميمة النفاس عشرة أيام كما ذهب إليه جماعة منهم صاحب المدارك ونسبه فيه بعد اختياره إلى العلامة في التذكرة والمنتهى وعن الذخيرة أيضا اختياره ونسب أيضا إلى حواشي الشهيد على القواعد وربما حكى ذلك عن النهاية لكن لا تدل عبارتها التي تقدمت حكايتها على اختياره بل ظاهرها التردد نعم فيها اشعار بذلك وكيف كان فهل يحكم بكونه حيضا بمجرد امكانه كما هو قضية استدلال صاحب المدارك وغيره بقاعدة الامكان وجهان أوجههما العدم عند احتمال كونه من فتق في الرحم مع وجود امارته وهي الطلق كما يدل عليه الروايتان المتقدمتان وقد عرفت عدم التنافي بينهما وبين ما يقتضيه قاعدة الامكان لاختصاص مجريها بغير مثل الفرض فعند احتمال كونه من فتق في الرحم أو ما هو بمنزلته مثل احتمال كونه من قرح أو جرح محقق يتعذر تمييزه لا يحكم بكونه حيضا ولا استحاضة بل يستصحب طهارتها السابقة وعند انتفاء هذا الاحتمال يحكم بكونه حيضا لو كان واجدا لشرائطه والا فاستحاضة والله العالم * (وليعلم) * انه لا فرق في الحكم بكون الدم نفاسا بين ما تراه بعد الولادة أو معها كما عن المشهور بل عن الخلاف ان ما يخرج مع الولد عندنا يكون نفاسا واختلف أصحاب الشافعي انتهى ويدل عليه رواية زريق المتقدمة ورواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله ما كان الله ليجعل حيضا مع حبل يعنى إذا رأت المرأة الدم وهي حامل لا تترك الصلاة الا ان ترى الدم على رأس الولد إذا اخذ بها الطلق ورأت الدم تركت الصلاة فان التفسير ان كان من النبي أو الامام صلوات الله عليهما وآلهما فهو دليل والا فهو مؤيد وكون صدرها مؤلا أو مطروحا لدى القائل بجواز اجتماع الحيض والحمل لا ينافي العمل بذيلها كما هو ظاهر ولا يبعد ان يكون هذا هو المتبادر مما ورد في بيان حكم النفساء من أنها تترك الصلاة برؤية الدم إذ الظاهر تحقق صدق النفساء عند التلبس بالولادة ورؤية الدم ولا ينافيه مفهوم قوله (ع) في موثقة عمار المتقدمة تصلى ما لم تلد فان المراد منه كما تشهد به الروايتان المتقدمتان ما لم تأخذ في الولادة لا ما لم تفرع منها بل لعل هذا هو الذي ينصرف إليه اطلاق المنطوق من حيث هو كمالا يخفى على المتأمل وكيف كان فما عن ظاهر مصباح السيد وحمل الشيخ والغنية والكافي والوسيلة والجامع من اختصاصه بما تراه بعد الولادة حيث فسروا النفاس بما تراه المرأة عقيب الولادة ضعيف ويحتمل قويا ارادتهم من عقيب الولادة عقيب الاخذ فيها لا الفراغ منها فان التعبير بذلك عما يعم حين الولادة شايع عرفا بل لعل هذا هو المتبادر منه في مثل المقام لو كان المتعارف خروج دم الولادة منها والله العالم ثم إن مقتضى تفسيرهم النفاس بدم الولادة كتفسير اللغويين النفاس لولادة المرأة دورانه مدار صدق الولادة عرفا وقد يتأمل في صدقها في مثل العلقة والمضغة بل مطلق سقط الجنين ما لم يتم خلقه لكن يظهر منهم التسالم على أن دمها نفاس في جميع هذه الصور بعد أن علم أن ما وضعته مبدء نشوا دمى بل في محكى التذكرة انها لو ولدت مضغة أو علقة بعد أن شهدت القوابل انها لحمة ولد ويتخلق منه الولد كان الدم نفاسا بالاجماع لأنه دم جاء عقيب حمل انتهى وعن شرح الجعفرية أيضا دعوى الاجماع على كونه نفاسا بعد العلم بكون ما وضعته مبدء نشو انسان وعن المنتهى لو وضعت شيئا تبين فيه فيه خلق الانسان فرات الدم فهو نفاس اجماعا انتهى فالمراد بالولادة التي وقعت في تفسير النفاس مطلق وضع الحمل ولو بالسقط وإن لم يصدق عليه اسمها عرفا ويدل على إرادة ذلك وكونه من المسلمات عندهم انكار بعض كما عن المعتبر والمنتهى وغيرهما تحقق النفاس بوضع العلقة معللا بعدم العلم بكونه مبدء نشوا دمى ومقتضاه عدم الانكار على تقدير حصول العلم ولذا نفى الخلاف عنه في محكى التذكرة وشرح الجعفرية على تقدير العلم لكن مع ذلك كله أنكر المحقق الأردبيلي ما محكى شرح الارشاد كون الخارج مع المضغة وبعدها نفاسا فضلا عن العلقة وان علم بكونها مبدء نشو ادمي نظرا إلى عدم العلم بصدق اسم الولادة والنفاس بذلك وعن المحقق الثاني توقفه في حكم العلقة لأجل ما عرفت وفيه ما عرفت من دلالة الاجماعات
(٣٣٤)