بحيضة وكذا الجواري المستقلة ببيع أو غيره والموطوءة بالزنا والأمة المحللة للغير وفيه أولا انه يكفي حكمة المشروعية الاستبراء غلبة عدم الاجتماع فالحيض امارة عدم الحمل فاحتاط الشارع للأنساب تارة بثلاث حيضات وأخرى خفف الاحتياط لبعض الحكم مثل تسهيل الامر على الرجل أو المرأة فاكتفي بحيضة واحدة ولو امتنع اجتماع الحيض والحمل لاكتفى في الكل بواحدة وثانيا انه لا اثر للقول بالاجتماع وعدمه في هذا المقام بعد أن رأت دما مستمرا صالحا لان يكون حيضا يجب عليها ترتيب اثار الحيضية ويتحقق به الاستبراء في مرحلة الظاهر غاية الأمر انه يظهر اثر القولين بعد استبانة الحمل بالنسبة إلى بعض عباداتها التي تركتها عند رؤية الدم واما فيما نحن فيه فلا إذ بعد استبانة الحمل واستكشاف عدم براءة الرحم لا فرق بين ان يحكم بان ما رأته كان حيضا أو استحاضة كمالا يخفى لا يقال إنه على القول بعدم الاجتماع لا يحكم بالحيضية الا بعد احراز عدم الحمل الذي هو شرطه لأنا نقول فعلى هذا يغفل ان يستكشف براءة الرحم بالحيض والا لدار والحاصل ان الدم الذي تراه مستمرا إلى ثلاثة أيام محكوم بالحيضية جزما ويتحقق به الاستبراء في مرحلة الظاهر واستكشاف كونه استحاضة بعد استبانة الحمل ليس إلا كاستكشاف كون الوطي أو العقد الواقع عليها بعد الاستبراء الظاهر مقارنا للحمل فليس المقصود باخبار الاستبراء الا الاستكشاف الظني وهو حاصل على كلا القولين لكن على القول بالاجتماع يكون طريقه ظنيا وعلى القول بالعدم يكون طريق طريقه كذلك ثم إن هنا قولين آخرين أحدهما ما حكى عن الشيخ في النهاية وكتابي الاخبار من أن ما تجده المرأة الحامل في أيام عادتها يحكم بكونه حيضا وما تراه بعد عادتها بعشرين يوما فليس بحيض والقول الاخر ما حكى عنه أيضا في الخلاف من أنه حيض قبل أن يستبين الحمل لا بعده ونقل فيه الاجماع عليه احتج على القول الأول بقوله (ع) في صحيحة الحسين بن نعيم الصحاف المتقدمة إذا رأت الحامل الدم بعد ما يمضى عشرون يوما من الوقت الذي كانت ترى فيه الدم في الشهر الذي كانت تقعد فيه فان ذلك ليس من الرحم ولا من الطمث فلتتوضأ وتحتشي بكرفس وتصلى فإذا رأت الحامل قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر فإنه من الحيضة قال في المدارك بعد نقل الاستدلال بالصحيحة لهذا القول وهي مع صحتها صريحة في المدعى فيتعين العمل بها وان كان القول الأول أي المشهور لا يخلو من قرب أيضا انتهى وفيه أن الحكم بكون ما رأته بعد العادة بعشرين ليس بحيض كالحكم بان ما رأته في العادة حيض ليس إلا بيانا لتكليفها الظاهري في مقام العمل جريا على ما يقتضيه العادات والامارات لا ان ما تراه في العادة يجب ان يكون حيضا في الواقع وما تراه بعدها يمتنع ان يكون كذلك في الواقع ولا ريب ان تقييد اطلاق نفى الحيضية في مرحلة الظاهر بما إذا لم يستمر ما رأته بعد العادة ولم يكن دما كثيرا يصلح ان يكون حيضا بقرينة تلك الأخبار أولى من تقييد قوله (ع) من رواية أبى المعزا ان كان دما كثيرا فلا تصلين وقوله (ع) في صحيحة ابن الحجاج تترك الصلاة إذا دام بخصوص ما في العادة والمعارضة بينها وبين مثل هذه المطلقات انما هي من قبيل تعارض الظاهرين لا النص والظاهر ولا تأمل في أن ارتكاب التأويل في الصحيحة أولى من ارتكاب التقييد في معارضاتها المعتضد بعضها ببعض وبموافقة العمومات والقواعد المتقنة المعتضدة بالعمل ولا ينافيه ما في الصحيحة من التفصيل بين ما رأته في العادة وما رأته بعد العشرين من الحكم بالحيضية في الأول مطلقا و بعدمه في الثاني كذلك مع اشتراكهما في الحيضية عند الكثرة والاستدامة والعدم عند العدم لجرى الاطلاقين مجرى العادة حسب ما يقتضيه ظاهر الحال وكيف كان فلا يمكن التأويل في جميع تلك الأدلة بمثل هذه الصحيحة التي أعرض أكثر الأصحاب عن ظاهرها مع قبولها للتوجيه القريب فالقول بالتفصيل ضعيف واضعف منه التفصيل الاخر أعني الفرق بين قبل استبانة الحمل وبعدها واستدل له أيضا بالصحيحة المتقدمة وفيه مالا يخفى والله العالم * (تنبيه) * الأظهر ان الحامل لا تتحيض برؤية الدم في غير أيامها الا بعد استقرار حيضها بمضي ثلاثة أيام وهل تتحيض برؤيته في أيام عادتها وان احتملت انقطاعه قبل مضى الثلاثة وجهان من اطلاق معاقد الاجماعات وبعض النصوص الدالة على أنها تتحيض برؤية الدم في العادة من دون تفصيل كما يعضده التفصيل في صحيحة الحسين بن نعيم بناء على كونها مسوقة لبيان تكليفها الظاهري في مقام العمل عند رؤية الدم قبل استبانة الحال بالاستمرار وعدمه ومن انصراف النص ومعاقد الاجماعات من مثل الفرض مع ظهور جملة من الاخبار في أنها لا تتحيض مطلقا الا بعد احراز كونه دم الحيض مثل قوله (ع) في صحيحة ابن الحجاج تترك الصلاة إذا دام وفي رواية أبى المعزا ان كان دما كثيرا فلا تصلين وفي رواية ابن مسلم ان كان دما كثيرا احمر فلا تصلى وان كان قليلا اصفر فلتتوضأ وفي رواية إسحاق بن عمار ان كان دما عبيطا فلا تصلى ذينك اليومين وان كان صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين وأقرب التوجيهات في مقام الجمع بين الاخبار ليس إلا الالتزام بأنها لا تتحيض بمجرد رؤية الدم في العادة الا إذا اعتضد حيضيته بالامارات مثل الكثرة والسواد والامتداد ونحوها فلا يبعد الالتزام به الا ان يكون مخالفا للاجماع ولم يثبت واما مخالفته لقاعدة الامكان فلا فيه فيها بعد مساعدة الدليل هذا مع ما عرفت في محله من قصور القاعدة عن جريانها في مثل الفرض أي الموارد المحفوفة بامارات بمانعة من الحيضية والله العالم وحيث انك عرفت انى كل دم طبيعي امتنع ان يكون حيضا أو نفاسا فهو استحاضة علمت أنه لا فرق في ذلك بين ما لو رأته
(٢٩٩)