ناقضية البول فإن كان هو الاجماع أو قاعدة نفى الحرج أو قوله (ع) ما غلب الله على عباده فهو أولى بالعذر فالمتعين هو القول بمقالة الحلي لأنه أخص الأقوال هذه الأدلة لا يستفاد منها أزيد من عدم ناقضية ما يخرج في أثناء صلاة واحدة مع تعذر تجديد الطهارة أو تعسره أعني في صورة التوالي دون التراخي فيبقى عموم ناقضية البول بالنسبة إلى ما عدا الفرد المتيقن سليما عن المخصص الا ان يقال إن تجديد الطهارة في أثناء الصلاة فعل كثير مبطل للصلاة فحينئذ يقع التعارض بين ما دل على ناقضية البول ومبطلية الفعل الكثير واما ما دل على شرطية الطهارة بالنسبة إلى أكوان الصلاة أو قاطعية الحدث للصلاة فلا يعارض شيئا من الأدلة للقطع بعدم انقطاع الصلاة بهذا البول سواء كان ناقضا للوضوء أم لا فما دل على القاطعية مخصصة بالنسبة إلى هذا الفرد بلا شبهة وأدلة اشتراط الطهارة محكومة بالنسبة إلى ما دل على ناقضية البول فان الشك في الشرطية مسبب عن الشك في الناقضية فاطلاق ما دل على الناقضية حاكم على اطلاق دليل الاشتراط هذا مضافا إلى ما ستسمعه في المسألة الآتية فالتعارض انما هو بين ما دل على أن البول ناقض مطلقا وبين ما دل على أن الفعل الكثير مبطل مطلقا فيرجع في مثل المقام بعد تعارض الدليلين إلى ما يقتضيه الأصل وهو استصحاب الطهارة وعدم وجود الحدث الناقض وعلى تقدير المناقشة في الاستصحاب يجب عليه الاحتياط بتكرار الصلاة تحصيلا للشرط الواقعي المردد بين فعل الوضوء في الأثناء وتركه وليس الامر دائرا بين المحذورين الذين لا يمكن الاحتياط فيهما حتى يكون موردا للتخيير أو البراءة كما قد يتخيل وكيف كان فهذا كله على تقدير تسليم كون الوضوء في أثناء الصلاة مطلقا فعلا كثيرا الا انه في حين المنع كيف وقد ورد الامر في غير واحد من الاخبار بغسل الثوب والبدن في أثناء الصلاة عن دم الرعاف وغيره وقد حملها الأصحاب على ما إذا لم يستلزم فعلا كثيرا في العادة ومن الواضح انه لو بينا على كون مطلق الوضوء حتى الارتماسي منه حين حصول مقدماته فعلا كثيرا لم يبق للاخبار المعتبرة الامرة بغسل الثوب والبدن مورد إذ قلما يتحقق فرض يمكن فيه تطهير الثوب والبدن بأقل مما يتوقف عليه الوضوء الارتماسي عند حصول مقدماته فدعوى القطع بكون الوضوء في أثناء الصلاة مبطلا من حيث كونه فعلا كثيرا مردودة على مدعيها هذا مع أنه ربما يؤيد هذا القول أعني وجوب الإعادة في الأثناء الاخبار الآتية الواردة في حكم المبطون من أنه يتوضأ ويبنى على صلاته بل ربما يستدل له بها بدعوى كون المناط منقحا وفيه تأمل وكيف كان فهذا القول أقوى بالنظر إلى ما تقدم من الأدلة العامة واما بملاحظة الأخبار الخاصة فيظهر حاله بعد التأمل في مفادها وهي حسنة منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يقطر منه البول ولا يقدر على حبسه قال فقال لي إذا لم يقدر على حبسه فالله أولى بالعذر يجعل خريطة ورواية الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال سئل عن تقطير البول قال يجعل خريطة إذا صلى وصحيحة حريز عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا كان الرجل يقطر منه البول والدم إذا كان حين الصلاة اخذ كيسا وجعل فيه قطنا ثم علقه عليه وادخل ذكره فيه ثم صلى يجمع بين صلاتين الظهر والعصر يؤخر الظهر ويعجل العصر باذان وإقامتين ويؤخر المغرب ويعجل العشاء باذان وإقامتين ويفعل ذلك في الصبح وربما يستدل بهذه الاخبار على عدم وجوب شئ على صاحب السلس الا حفظ فرجه عن تعدية النجاسة الخارجة في أثناء الصلاة ونوقش فيها بان ما عدا الصحيحة لا تعرض فيها للوضوء وانما هي مسوقة لبيان حكمه من حيث عروض النجاسة في أثناء الصلاة واما الصحيحة فهي أيضا وان كانت كذلك الا ان امر الإمام (ع) بالجمع بين الصلاتين كالصريح في عدم تجديد الوضوء فهذه الرواية من حيث السكوت وعدم الامر بإعادة الوضوء بل امره بالجمع بين الصلاتين تدل على عدم ناقضية البول الخارج منه في أثناء الصلاتين حين الجمع بينهما لا مطلقا كما هو المطلوب فتكون دليلا لما ذهب إليه العلامة [ره] في المنتهى واما عدم ناقضيته في غير الصورة المفروضة فلا يستفاد من شئ منها ولكن الانصاف ضعف المناقشة المذكورة لان اقتصار الإمام (ع) على الامر يجعل الخريطة في جواب السائل مع اطلاق سؤاله عن حكم من يقطر منه البول دليل على أنه لا يجب عليه الا ذلك وإلا لكان على الإمام (ع) بيانه فعدم البيان في معرض الحاجة مع اطلاق السؤال دليل على أنه لا اثر للقطرات الخارجة التي لا يقدر على حبسها في نقض الوضوء وقد يناقش في دلالة الحسنة بان مفادها معذوريته في مخالفة التكاليف التي لو لم يكن العذر من قبل الله تعالى لم يكن معفوا عنها وهو انما يتحقق بالنسبة إلى ما يقطر منه في أثناء الصلاة إذ لا محذور في نقض الوضوء قبل الصلاة سواء كان من قبل الله تعالى أو من قبل نفسه وفيها ان المتبادر منها ان القطرات التي تقطر منه لمرضه لا يترتب على المكلف من قبلها محذور بطلان الصلاة سواء وجدت في أثناء الصلاة أو قبلها لأنها بلاء ابتلاه الله به فهو أولى بالعذر والحاصل ان عدم التعرض في هذه الأخبار لحكم الوضوء مع ما فيها من اطلاق السؤال دليل قوى على أن ما يخرج منه بواسطة مرضه كالعدم من حيث الناقضية * (وقد) * يستدل أيضا بموثقة سماعة قال سئلته عن رجل اخذه تقطير من فرجه ما دام
(١٩٤)