الخواطر التي ربما تمر، ولا يقدر أحد على دفعها، وصدقه بذلك عمر.
ويلاحظ هنا مهارة ابن عباس في تكذيب هذه القضية، حيث لم يواجه الخليفة الثاني صراحة بذلك، وإنما جاءه من الطريق المعقول والمقبول عنده، وقطع عليه كل طريق حتى قال له: " من ظن أنه يرد بحوركم الخ.. ".
ويكاد النقيب أبو جعفر محمد بن أبي زيد، الذي وصفه ابن أبي الحديد بأنه منصف، ولا يمكن اتهامه بالتشيع - كما تقدم في غزوة بدر - يكاد يصرح بأن عمر هو الذي أوحي للناس بأن النبي قد غضب من علي في هذه القضية، فهو يقول عنه:
" ثم عاب عليا بخطبته بنت أبي جهل، فأوهم أن رسول الله (ص) كرهه لذلك، ووجد عليه " (1).
ورابعا: إننا في نفس الوقت الذي نجد فيه النبي (ص) يقرر: أنه لا يتصرف في هذا المورد من موقع الولاية، وكونه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، حيث يقول في خطبته: " إني لست أحرم حلالا، ولا أحل حراما "، نجده يفرض على علي أن يطلق ابنته، إن أراد تزوج ابنة أبي جهل، مع أن الله قد جعل الطلاق بيد الزوج، وليس للزوجة ولا لأبيها حق فرض ذلك عليه.
ثم هو ينهى عليا عن الزواج بالثانية، مع أن الله تعالى أحل الزواج من مثنى وثلاث ورباع (2).
وإذا كان يحرم على علي الزواج في حياة فاطمة لخصوصية لها (3)