ولذا نرى: أن عددا كبيرا منهم ممن يحترم نفسه، وشرفه، وسؤدده، قد حرمها على نفسه، كأبي طالب " عليه السلام "، وعبد المطلب (1)، وجعفر بن أبي طالب (2)، وقيس بن عامر، وعامر بن الظرب، وصفوان بن أمية، وغيرهم ممن تقدم ذكرهم عن قريب.
بل إن عبد الله بن جدعان، الذي كان مولعا بها، قد صرح بأنهم كانوا يسمونها بالسفاه، وأنه آنس بسببها الهوان، فهو يقول:
شربت الخمر حتى قال قومي * ألست عن السفاه بمستفيق وحتى ما أوسد في مبيت * أبيت به سوى الترب السحيق وحتى أغلق الحانوت مالي وآنست الهوان من الصديق ثم حرمها على نفسه، فلم يقربها (3).
وبعد نزول هذه الآية، وتحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فلا يعقل أن يعتبرها العرب إلا من الفواحش. ثم إن عطف الاثم الذي هو الخمر على الفواحش، من باب عطف الخاص على العام، لمزيد الاهتمام به، وحرصا على الردع عنه، لأنه مما تألفه النفوس عادة وتميل إليه، فيحتاج إلى مزيد من التأكيد والتكرار.
5 - لقد روى جماعة من المؤرخين: أن أعشى قيس خرج إلى رسول الله (ص)، يريد الاسلام، وقد مدحه بقصيدة أولها:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا * وبت كما بات السليم مسهدا فلما كان بمكة أو قريبا منها، اعترضه بعض مشركي قريش - أبو