وثالثا: إن الالتزام بما ذكروه معناه تكذيب قوله تعالى: ﴿وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى﴾ (١).
كما أنه لا يبقى معنى - والحالة هذه - لأمر الله تعالى للناس بإطاعة الرسول حيث قال: ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول﴾ (2) حتى إذا امتثلوا الامر الإلهي وأطاعوه يؤنبهم، ثم يتهددهم. لقد كان يحب أن يتوجه التأنيب والتهديد للرسول، والمدح والثناء لهم، لانهم عملوا بوظيفتهم.
ورابعا: إن مجرد الإشارة على الرسول بالفداء لا تستوجب عقابا، إذ غاية ما هناك: أنهم قد اختاروا غير الأصلح. وإذن، فلابد أن يكون ثمة أمر آخر قد استحقوا العقاب لمخالفته، وهو أنهم حين أصروا على أخذ الفداء قد أصروا على مخالفة الرسول، والتعلق بعرض الحياة الدنيا في مقابل إرادة الله للآخرة - كما قال تعالى: (تريدون عرض الحياة الدنيا، والله يريد الآخرة) - بعد بيان النبي (ص) لهم بصورة صريحة، إذ لا عقاب قبل البيان، ثم المخالفة.
ولكن الله تكرم وتفضل عليهم، وغفر لهم هذه المخالفة، وأباح لهم أخذ الفداء تأليفا لهم، على ما فيه من عواقب وخيمة. وقد بلغ من حبهم لعرض الدنيا أنهم قبلوا بهذه العواقب أيضا.
بل يمكن أن يكون إصرار بعض المهاجرين على أخذ الفداء يرجع إلى أنهم قد صعب عليهم قتل صناديد قريش، حيث كانت تربطهم بهم صداقات ومصالح ووشائج رحم، وقد استهوى موقفهم هذا جماعة من البسطاء والسذج من سائر المسلمين الحاضرين.
فهذا التعاطف مع المشركين من قبل البعض، ثم حب الحصول