فبقي القول الثامن المعتبر للوطنين العرفي والشرعي، وهو الحق المطابق للجمع بين الأخبار، إلا أن في تفسيره الوطن الشرعي بما أقام فيه ستة أشهر ولو ماضية ما عرفت من عدم صراحة الصحيحة فيها، وأن القدر الثابت منها تحقق الاستيطان الشرعي بتحقق المعنين جميعا بأن أقام ستة أشهر في الزمان المتقدم على حال الصلاة، والعزم على إقامتها بعد حال الصلاة أيضا متصلة بها، أو غير متصلة بشرط تحقق العزم في الحال.
فالحق أن يقال بكفاية أحد الأمرين في انقطاع السفر:
أولهما: ما كان أهلا ووطنا عرفا، والمراد بالوطن العرفي مكان اتخذه مسكنا، وهو يحصل بقطع العلاقة عن غير ذلك المكان وإرادة الاستقرار والاستمرار والكون في ذلك المكان، والشروع في الاستقرار والتمكن وإن لم يستمر بعد إلا زمان قليل، بل لا يشترط قطع العلاقة الكلية عن الغير أيضا.
واعتبار ذلك المعنى ليس لأخبار الاستيطان المتقدمة، لاحتمال إرادة الاستيطان الشرعي منها بل هو الظاهر، بل لأخبار الأهل الأخيرة، فإن كل ما كان وطنا ومسكنا عرفا ويعد وطن شخص، يصدق على هذا الشخص أنه أهله وأنه دخل على أهله.
والثاني: ما كان وطنا شرعيا، والقدر المتيقن منه ما تحقق معه إقامة الستة أشهر الماضية والعزم على إقامتها في الآتية، فيكفي كل من هذين المعنيين.
ولا تعارض بين أخبار الأهل والصحيحة، لعدم المنافاة والتعارض بين كفاية كل من الأمرين.
ولا يتوهم معارضة مفهوم الحصر في الصحيحة مع أحاديث الأهل، حتى يدل على أنه لا يقصر فيما لم يكن له فيه منزل يقيم فيه ستة أشهر وإن كان وطنا عرفا.
ومعارضة مفهوم الغاية في موثقة إسحاق الثانية من أخبار الأهل مع الصحيحة، لدلالته على أنه ما لم يدخل، أهله يقصر وإن دخل الوطن الشرعي.