وإن أريد إقامة ستة أشهر من كل سنة فدليلهم: ورود اعتباره بصيغة المضارع المفيدة للتجدد الاستمراري، فلا بد من استمرارها في كل سنة.
فإن كان مرادهم الأول، فاكتفاؤهم بالسنة الماضية وإن كان مردودا بما مر، ولكن اشتراطهم كون الستة في السنة صحيح، بل الظاهر اعتبار كونها فيما دون السنة أيضا، إذ الستة أشهر وإن صدقت على المتحققة في السنة أو الأكثر إلا أن الظاهر من استيطان ستة أشهر وسكون ستة أشهر ونحوهما كونها متوالية، ولذا لو قال أحد: كنت ستة أشهر في البلد الفلاني، وأقمت فيه كذا، تتبادر منه المتوالية.
وإن كان مرادهم الثاني، ففيه أولا: أن تقييد التجدد بكل سنة أي بتجدد إقامة ستة أشهر في كل سنة تقييد بلا دليل، وإرادة تجدد إقامة كل ستة أشهر تفيد دوام الإقامة، ولا يقول به أحد.
وثانيا: أنه إن أريد من التجدد الاستمراري تجددها مستمرا دائما، فدلالة المضارع عليه غير مسلمة، وإن أريد حصوله كذلك متكررا عرفا، فهو مسلم ولكنه غير التكرر كل سنة.
وثالثا: أن المسلم لزوم تكرر المبدأ خاصة دون متعلقه، ولذا لو قال أحد:
فلان يكرم العلماء، يستفاد منه تكرر الاكرام ولو بواسطة تعدد العلماء، لا تكرر إكرام العلماء حتى يلزم إكرام كل عالم متكررا، فاللازم هنا تكرر الإقامة ولو بتوسط تعدد أيام ستة أشهر أو شهورها، ولا يلزم تكرر إقامة ستة أشهر.
ورابعا: يمنع كون مطلق صيغة المضارع مفيدا للتجدد الاستمراري، ولذا لو قال أحد: إذا جاءك من يبيع حنطة فاشتر منه، يجب الاشتراء إذا تراه يبيع ولو مرة، وهو أمر يختلف باختلاف القرائن والموارد.
والتحقيق أنه استعمل في المعنيين، وكونه حقيقة في التجدد الاستمراري غير مسلم جدا.
حجة الخامس والسادس على اعتبار المنزل: ما تقدم ذكره.
وعلى اعتبار الاستيطان بمعنى أن يقيم فيه ستة أشهر أي يعزم على ذلك: