فإرادة البعد من: " ما لا يتخطى " في هذا الموضع مرجوح غايته.
وأما الموضع الثاني ففي حمله على أحد الأولين كالموضع السابق.
وأما في الثالث فينتفي المحذوران الآخران ويبقى الأول خاصة، ومن هذه الجهة يساوي المعنى الأول، لأنه أيضا يستلزم خلاف أصل واحد، إلا أنه يصير مرجوحا عنه بملاحظة قوله: " فإن كان بينهم ستر " إلى آخره، فإن الظاهر من لفظة: " الفاء " أنه حكم مترتب متفرغ على سابقه ولا يلائم غيره، فيكون المراد ما لا يتخطى من الحائل وإن كانت إرادته مرجوحة هنا من جهة إقحام لفظ: " القدر " ولكن التأويل فيه أسهل منه في لفظة: " الفاء ".
ومنه يظهر عدم رجحان إرادة البعد في هذا الموضع أيضا.
وأما الموضع الثالث فهو أيضا كالثاني في انتفاء المحذورين عن المعنى الثالث بل محذور التفريع أيضا، ويلائم هذا المعنى ما تعقبه من قوله: " ويكون قدر ذلك " بل هو بنفسه كاف في إفادة هذا المعنى ولو كان جملة مستأنفة. إلا أنه عن دلالة الاشتراط خال، بل ظاهر لفظ: " ينبغي " الاستحباب، فلا يصلح حجة للاشتراط.
وأما الموضع الرابع فيزيد المحذور فيه للمعنى الأول بعدم اشتراط انتفاء الحائل في المرأة ولكن المحذورات الثلاثة للمعنى الثالث فيه مجتمعة، وليس ارتكابها بأسهل من حل نفي الصلاة مع الحائل في المرأة على ضرب من الكراهة أو إرادة انتفاء العلو.
هذا كله مع ما في إرادة البعد من المخالفة للشهرة العظيمة حيث إنه لم ينقل التحديد بهذا القدر إلا عن الحلبي وابن زهرة (1).
والمعارضة مع إطلاق موثقة عمار المتقدمة (2) في بيان جواز اقتداء المرأة مع الحائل، بل ظاهرها حيث إن الطريق يكون مما لا يتخطى غالبا.