الحرام وملزومه حراما، أو عدم جعله الأمر بالشئ نهيا عن ضده الخاص، كما قال بكل بعض من لاحظ له من التحقيق.
وظاهر الأكثر بل صريحهم - كما عرفت - ومقتضى إطلاقات إجماعاتهم المنقولة عدم الترخص فيهما أيضا، لما نقلنا عنهم من الوجوه.
أقول: بعض ما ذكروه من الوجوه وإن كان محل نظر كعموم صحيحة ابن مروان، إذ عمومها إنما هو لو جعلت لفظة: " في " بمعنى المصاحبة أو الباء، وأما لو جعلت للتعليل أو السببية أو بمعنى: " إلى " فلا يكون لها عموم. وكعدم ملاءمته لعلة شرعية التقصير، فإن مقتضاها وجود المعلول كلما وجدت العلة وأما انتفاؤه مع انتفائها فإنما هو يقتضيه الأصل الذي لا أثر له هنا مع وجود إطلاقات الترخص. وكالقياس بالطريق الأولى، فإنه موقوف على العلم بالعلة وهو هنا محل كلام.
إلا أن إثبات المطلوب بعموم التعليل الوارد في الرواية والموثقة حسن سيما الموثقة، إذ لا شك أن الحق هنا إنما هو بمعنى الحقيق واللائق أو الواجب، وكل ما كان فليس السفر المحرم بنفسه أصلا أو تبعا منه، لأن المنهي عنه كيف ما كان لا يكون حقا، بل بأي من المعاني الصالحة للمقام من معانيه أخذ لا يكون المحرم منه قطعا.
ومنه يظهر دلالة مرسلة الفقيه أيضا.
ويدل عليه أيضا الرضوي المنجبر بما مر: قال: " في أربعة مواضع لا يجب أن تقصر: إذا قصدت مكة ومدينة ومسجد الكوفة والحيرة، وسائر الأسفار التي ليست بطاعة مثل طلب الصيد والنزهة ومعاونة الظالم، وكذلك الملاح والفلاح والمكاري " (1).
ولا شك أن كل سفر منهي عنه ولو تبعا ليس بطاعة، والتمثيل بما مثل لا يوجب التخصيص، وأصرح منه ما قاله بعد كلام: " ولا يحل التمام في السفر إلا