المسافة ليس سفرا شرعيا فلا يقدح في اتصال الإقامة. وبعبارة أخرى: المراد بالإقامة ترك السفر، فلا ينافي قصد ما دون المسافة فيه.
ورواية الحضيني: استأمرت أبا جعفر عليه السلام في الاتمام والتقصير، قال: " إذا دخلت الحرمين فانو عشرة أيام وأتم الصلاة " فقلت له: إني أقدم مكة قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة، قال: " انو مقام عشرة أيام وأتم الصلاة " (1).
ولا ريب أن القادم بيومين أو ثلاثة قبل التروية من نيته الخروج إلى عرفة قبل العشرة، ولا يتم معه الحكم بالتمام إلا على هذا القول.
وصحيحة ابن مهزيار وفيها: " إذا توجهت من منى فقصر الصلاة، فإذا انصرفت عن عرفات إلى منى وزرت البيت ورجعت إلى منى فأتم الصلاة تلك الثلاثة الأيام " (2).
فإن إتمام الصلاة في منى في الأيام الثلاثة لا يتم إلا على عدم ضرر ما دون المسافة في قصد الإقامة، لأنه بعد الثلاثة يقصد مكة.
وصحيحة زرارة: " من قدم قبل التروية بعشرة أيام وجب عليه إتمام الصلاة وهو بمنزلة أهل مكة، فإذا خرج إلى منى وجب عليه التقصير، فإذا زار البيت أتم الصلاة، وعليه إتمام الصلاة إذا رجع إلى منى حتى ينفر " (3).
فإن إتمام الصلاة في منى لا يتم إلا على القول المذكور، ولذا قال في الوافي بعد ذكر الرواية والكلام فيها: إلا أن يقال إرادة ما دون المسافة لا تنافي عزم الإقامة، وعليه الاعتماد (4). انتهى.
وظاهره - كما ترى - موافقته لهذا القول لأجل هذه الروايات.