وعدده أربعة آلاف ذراع بذراع اليد، لأنه المشهور المعروف بين اللغويين، والفقهاء، والعرف، كما صرح به غير واحد (1)، بلا معارض أصلا، إذ ليس إلا بعض الأخبار المحددة له بألف وخمسمائة ذراع (2)، أو ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع (3)، أو بعض كلمات أهل اللغة القائلة بأنه ثلاثة آلاف ذراع (4)، وليس الذراع في شئ منها مقيدا بذراع اليد، وللذراع إطلاقات كثيرة عند اللغويين، ولها اختلافات، كذراع القدماء، وذراع المحدثين، والذراع الأسود، وبعضها اثنان وثلاثون إصبعا، وبعضها أربعة وعشرون، ويحتمل أن يكون بعضها غير ذلك.
وبالجملة: لا يعلم مغايرة التحديد بالذراع المطلق للتحديد بذراع اليد، فيمكن أن يكون العدد الذي حددوه به مطلقا هو بعينه أربعة آلاف ذراع اليد، فلا يعلم معارض للمشهور استعماله فيه. فيحمل عليه، لأصالة عدم التعدد في المستعمل فيه، وعدم استعمال الميل - المراد منه الذراع - في الأقل من أربعة آلاف ذراع اليد أو الأكثر.
مع أن استعمال الفرسخ في اثني عشر ألف ذراع بذراع اليد مقطوع به، مشهور بين الفقهاء واللغويين. بل الأزهري - بعد ما صرح بأن الميل عند كل من القدماء والمحدثين أربعة آلاف ذراع بذراع اليد، وأن الاختلاف في الذراع لفظي - قال: والكل متفقون على أن الفرسخ ثلاثة أميال (1). ومقتضاه الاتفاق على أن الفرسخ اثني عشر ألف ذراع بذراع اليد.
فهذا الاستعمال مما لا ريب فيه، والاستعمال في غيره غير معلوم، والأصل في الاستعمال الحقيقة، فيكون الفرسخ حقيقة في ذلك.