وقسطنطينية ونحوها; إذ حصول ذلك ليس اختياريا، سيما مع اختلاف العلماء في العدالة ومنافياتها، فالتكليف به تكليف بغير الاختياري.
. فتعين الثاني، وحينئذ فإذا لم تظهر عدالة الإمام لجماعة بل للأكثر، كما هو الأغلب، فإما تجب عليهم إقامة جمعة أخرى، أو تسقط الجمعة عنهم.
والقسمان باطلان، أما الأول، فللزوم إقامة جمعتين فيما دون فرسخ، بل في مسجد وهو باطل، سيما مع عدم العلم ببطلان جمعة أخرى، وأما الثاني فظاهر.
فإن قيل: يجب عليهم الخروج إلى ما فوق الفرسخ.
قلنا - مع أنه لا دليل عليه، وأنه في الأكثر يورث الفتنة -: قد لا يمكن الخروج لحر أو برد أو خوف، أو تقام الجمعة أيضا من مجهول لهؤلاء فيما فوق الفرسخ، أو لم ييأسوا من ظهور عدالة الأول إلى أول الزوال، أو لم يعين الإمام إلا حينئذ، مع أن اجتماع جميع هؤلاء على واحد أيضا قد لا يتيسر، فيلزم خروج جماعات إلى أطراف، إلى غير ذلك من المفاسد. فيلزم أن يكون منصب إمامة الجمعة معينا من جانب الله سبحانه.
والإنصاف أن هذه الوجوه من الأدلة القوية على نفي الوجوب العيني في زمن الغيبة.
ومما يؤكد نفيه: أنه كان النبي والخلفاء بعده يعينون لصلاة الجمعة، كما كانوا يعينون للإمارة والحكومة.
ومما يؤكده أيضا: كثرة الأخبار الدالة على الوجوب بزعم الموجبين، مع ذهاب أكثر المتقدمين والمتأخرين إلى نفيه، وعدم العمل بها مع اطلاعهم على هذه الأحاديث.
وأيضا: يحكم العرف والعادة بأن صلاة الجمعة لو كانت واجبة كصلاة العصر، وسائر الصلوات اليومية لشاع ذلك، بحيث لا يشك فيه أحد، بل صار من الضروريات كسائر الصلوات، ولم يكن بهذه المثابة حتى أنه لم يفعلها من العلماء الإمامية في قريب من ألف سنة إلى زمن الشهيد الثاني، ولم يشتهر وجوبها،