المستفيضة، بل المتواترة، الناهية عن العمل بالمظنة، ومن ليس له الأهلية لا يحصل له سوى المظنة غالبا، المنهي عن العمل بها، بل من له الأهلية كذلك أيضا، إلا أن حجية ظنه مقطوع بها مجمع عليها، فهو ظن مخصوص في حكم القطع كسائر الظنون المخصوصة من ظواهر الكتاب والسنة المتواترة اللفظية والإنسان والسوق واليد وغيرها، ولا كذلك ظن من ليس له الأهلية، إذ لا دليل على حجيته قاطعا، بل ولا ظنيا.
ولو سلم الأخير فغايته إثبات الظني بمثله، وهو غير جائز بإطباق العقلاء.
ومن هنا ينقدح وجه المنع عن التجزئ، إذ ليس معناه إلا العمل بالمظنة في بعض الأحكام الشرعية بما حصل له من المعرفة بجزئيات المدارك والشرائط الاجتهادية المتعلقة به خاصة، ولا قطعي على حجيتها، بل ولا ظني أيضا وإن استدل لها بما يأتي من بعض الأخبار قريبا لما سيظهر لك من ضعفه جدا.
وعلى تقدير صحته فغايته إثبات الظني بالظني، وهو مع ما فيه مما مضى فيه دور أو تسلسل أيضا، ولا كذلك المجتهد مطلقا، لقيام الدليل القاطع على حجية ظنه، من الإجماع، والاعتبار المركب من مقدمات قطعية بديهية مجمع عليها بقاء التكاليف بالأحكام وانسداد باب العلم إليها، وعدم التكليف بما لا يطاق أصلا.
فعدم العمل بمظنته واعتبار العلم حينئذ يستلزم إما ارتفاع التكاليف، أو التكليف بما لا يطاق، وهما بديهيا الفساد. ولا إجماع في المتجزئ، لمكان الخلاف، ولا اعتبار أيضا، لعدم اجتماع المقدمات الثلاث له جميعا، من حيث عدم صحة دعواه انسداد باب العلم في المسألة، التي لم يجتهد فيها بعد