الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به» الآية، انتهى (1).
وظاهرهما عدم الخلاف، حيث لم ينقلاه فيه كالفاضل في المختلف، لكن في صورة ما إذا كان أحد المتخاصمين محقا والآخر مخالفا. وأما في صورة كونهما محقين فقد نقل القول بمنعهما عن الترافع إلى هؤلاء عن الحلبي، واعترضه بالمنع من الفرق بين الصورتين، قال: لأن للإنسان أن يأخذ حقه كيف أمكن، وكما جاز الترافع مع المخالف إلى المخالف توصلا إلى استيفاء الحق فليجز مع المؤمن الظالم بمنع الحق (2).
وهو ظاهر في اعتراف الحلبي بأن علة الجواز حيثما يقول به هو التوصل إلى الحق، ومرجعها إلى الأدلة العامة بنفي العسر والحرج في الشريعة، وقوله سبحانه: «فمن اعتدى» الآية (3).
فالحكم لا بأس به، إلا أنه ينبغي أولا إعلام الخصم المانع عن الحق برفعه إلى حاكم الجور إذا أصر على حبس الحق، فإن ارتدع، وإلا فليترافع، اقتصارا فيما خالف الأصل الدال على حرمة الترافع إليهم على محل الضرورة.
وأما ما في الكفاية من استشكاله في الحكم بأن في الترافع إليهم إعانة لهم على الإثم محرمة (4) فضعيف غايته، إذ ليس ما دل على حرمتها بأقوى مما دل على حرمة التحاكم إلى هؤلاء الظلمة، فكما يخصص بأدلة نفي الضرر والعسر في الشريعة وآية الاعتداء المتقدمة هذه فليكن تلك الأدلة بها أيضا مخصصة، وإنما جعلت أدلة نفي الحرج مخصصة للأدلة المانعة بنوعيها