بل الإشكال فيها إنما هو من حيث دلالتها على التفصيل بين صورتي الاستدعاء لتحمل الشهادة فيجب الإقامة عينا مطلقا ولو زاد عددهم عن المعتبر شرعا، وعدمه فيجب كفاية مع الزيادة، وعينا مع عدمها، وهو مخالف لما عليه جمهور أصحابنا المتأخرين، حيث حكموا بوجوب الإقامة كفاية مطلقا ولو في الصورة الأولى، مع الزيادة، وادعوا إجماعاتهم المتقدمة على ذلك كذلك.
إلا أن جمهور قدماء الأصحاب كالشيخ في النهاية (1) والإسكافي (2) والقاضي (3) والحلبي (4) وابني زهرة (5) وحمزة (6) على التفصيل المتقدم إليه الإشارة. واستدل لهم - زيادة على ذلك - بأنه مع عدم الاستدعاء لم يؤخذ منه التزام، بخلاف ما إذا تحمل قصدا فإنه يكون ملتزما كضمان الأموال (7).
والمسألة عند العبد محل تردد، من استفاضة المعتبرة الصريحة المعتضدة بالشهرة القديمة وتعليلهم المتقدم إليه الإشارة، ومن إطلاقات الكتاب والسنة بوجوب الإقامة المعتضدة بالأصل والشهرة العظيمة المتأخرة، وإطلاقات الإجماعات المحكية على الوجوب كفاية، وبعض الأمور الاعتبارية، التي استدل بها جماعة من أنها أمانة جعلت عندة، فوجب عليه الخروج منها، كما أن الأمانات المالية تارة تحصل عنده بقبولها كالوديعة، وتارة بغيره كإطارة الريح ونحوها (8).