في حجية شهادة العدلين إنما هو إفادتها المظنة، وليس كذلك، بل هي من جملة الأسباب الشرعية كاليد والأنساب ونحو ذلك، حتى أنها لو لم تفد مظنة بالكلية لكانت حجة أيضا بلا شبهة، مع أنه لو كان ذلك المناط في حجيتها وجب أن يدار مدار الظن الأقوى حيث حصل كان متبعا، حتى لو فرض حصوله من شهادة الفاسقين أو الفاسق الواحد أو نحوهما كشهادة الصبي أو القرائن دون شهادة العدلين كان حجة دون شهادتهما. وهو باطل اتفاقا فتوى ونصا.
فظهر أن العلة في حجية شهادتهما إنما هو من حيث نص الشارع على اعتبارهما بالخصوص وجعلهما سببا، وهذه العلة مفقودة في المقيس الذي هو محل البحث، لعدم نص من الشارع فيه بالخصوص، كما هو المفروض، وإلا لما وقع النزاع فيه.
وحينئذ فلا أولوية، إذ يشترط في ثبوتها وجود العلة الجامعة بلا شبهة، وهي كما عرفت مفقودة.
هذا، مع أن الظن الأقوى على تقدير ثبوت اعتباره بالأولوية شرعا أعم من أن يكون للعلم متاخما أم لا، فقد يكون بعيدا منه وإن كان من ظن شهادة العدلين أقوى، وهو لم يعتبر إلا الأول منه خاصة، ودليله هذا لا يساعده لكونه أعم منه، كما ترى.
ولو سلم جميع ذلك ففيه إطراح لما دل على اعتبار العلم الضروري من النص والفتوى صريحا، بحيث لا يكاد يقبل التخصيص بما ذكره من الأولوية. فتأمل جدا.
وبالجملة فهذا القول ضعيف في الغاية كسابقه، مع ندرة القائل بهما.
ومنه يظهر ما في المسالك من نسبة تجويز الشهادة بمجرد الظن إلى