ولعله ينشأ من وجود المقتضي للقبول وهو العدالة الثابتة بالتوبة، وانتفاء المانع، إذ ليس بحكم الفرض إلا الفسق وقد ارتفع بالتوبة.
ومن حصول التهمة بدفع عار الكذب، وهي مانعة عن قبول الشهادة، كما عرفته. وحكي (1) هذا قولا، ولم أقف على قائله، فكأنه شاذ، ومع ذلك رد بأن العدالة دافعة لمثل هذه التهمة.
وهو حسن مع ظهور صدق التوبة والثقة بعدم استنادها إلى ما يوجب التهمة. وربما أشعر به بعض المعتبرة، كالقوي: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) شهد عنده رجل وقد قطعت رجله ويده فأجاز شهادته وقد كان تاب وعرف توبته (2). فتأمل.
ولعل مراد الأصحاب ذلك أيضا، ولكن إطلاق كثير من المعتبرة المتقدمة في قبول شهادة القاذف بعد توبته كفاية إظهارها ولو لم يظهر صدقها. ولعله لذا قال الشيخ (3) والحلي (4): بقبول شهادة المتجاهر بالفسق بعد توبته، بعد أن يقول له الحاكم تب لأقبل شهادتك. ولكن المشهور خلافه، فلم يقولوا به، بل اعتبروا اختباره مدة يغلب على الظن فيها أنه قد أصلح عمله وسريرته، وأنه صادق في توبته. ولعل هذا هو الأصح.
وكيف كان فلا خلاف في شئ مما ذكر، عدا ما مر فيه من الخلاف، حتى في قبول شهادة الفاسق المعلن بعد توبته مطلقا، سواء شهد بها قبل التوبة ثم أعادها بعدها، أو شهد بغيرها من دون إعادة.
قالوا: والفرق بينه وبين الفاسق المستتر، حيث اتفق على قبول شهادة