لها إطلاق من هذه الناحية فلا مانع من التمسك به، وإن لم تكن ناظرة إلى إمضائها، فهي لا تدل عليه وإن كانت مسماة بالآلات، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، إنه لا ريب في أن وجود الصيغ في باب المعاملات مغاير لوجود المسببات في هذا الباب، فإن المسببات فيه أمور إنشائية اعتبارية لا وجود لها إلا في عالم الانشاء والاعتبار، بينما تلك الصيغ أمور واقعية حقيقية موجودة في الخارج، وهي الألفاظ والأفعال فيه، سواء أكان يعبر عنها بالأسباب أم بالآلات، فان الاختلاف في التعبير لا يغير الواقع.
فما ذكره المحقق النائيني قدس سره من أن نسبة صيغ العقود إلى المعاملات ليست نسبة الأسباب إلى المسببات، بل نسبتها إليها نسبة الآلة إلى ذيها، فإن أريد بذلك أنهما ليستا موجودتين في الخارج حتى تترتب إحداهما على الأخرى خارجا قهرا كترتب المسببات الخارجية على أسبابها والمعلولات على عللها، بل الموجود فيه الصيغ فقط دون المسببات، فإنها أمور اعتبارية إنشائية ولا وجود لها إلا في عالم الانشاء والاعتبار دون الخارج، ولهذا تكون نسبتها إليها نسبة الآلات إلى ذيها، فيرد عليه أن نسبة الصيغ إليها وإن لم تكن كنسبة الأسباب إلى مسبباتها الخارجية إلا أن ذلك لا يجدي في دفع الاشكال، وهو أن إمضاء المعاملات بمعنى المسببات لا يستلزم إمضاء صيغها، فإن هذا الاشكال مبني على أن وجود الصيغ مباين لوجود المعاملات، فإنها موجودة في الخارج بوجود حقيقي، والمعاملات موجودة في عالم الاعتبار والانشاء دون الخارج.
وإن أريد بذلك أن نسبة الصيغ إلى المعاملات إن كانت نسبة الآلة إلى ذيها، فإمضاء ذي الآلة يستلزم إمضاء الآلة، دون ما إذا كانت نسبتها إليها نسبة السبب إلى المسبب، فيرد عليه أن مجرد التغيير في الاسم لا يغير الواقع.