الحق الذي لا مرية فيه - لقادر على ما هو جوابه، بل هذه الشبهة تؤيد ما ذكرناه، وهو أن اشتمال الكتب على الناسخ والمنسوخ فرضا، أو كون بعض الكتب ناسخا لبعض قطعا، دليل على أن الآية في المقام الذي شرحناه، ولا نعيده.
هذا، مع أن الإيمان بالكتب السابقة - وإن كانت تنافيه - ممكن، لأن اختلاف أحكامها وتنافي سياساتها ناشئ عن اختلاف الأعصار والأزمان أو الأمصار والبلدان، فيكون كل حقا في محطه ومنزله.
إيقاظ وإيعاز قد يقال - ولعله مقالة جمع من أرباب شواذ المسالك وأصحاب نوادر المذاهب -: إن القرآن وسائر الكتب الداعية إلى الحق والمنادية إلى الآخرة، ليست إلا تذكرة لأولي الألباب وذكرى لذوي العقول والدراية، وما كان شأنه على هذه المثابة، فلا يدور حول صدق القضايا والقصص والحكايات، بل نظره وفكرته الإرشاد والتنبيه بأي وجه أمكن، فلا شاهد على صدق ما في الكتاب العزيز، لأنه ليس كتاب تاريخ وضبط وقائع السنين الخالية، فهل تدل هذه الآية على بطلان مقالتهم وفساد رأيهم، أم لا؟ وجهان.
ظاهر القوم والمفسرين - كما عرفت في البحث السابق - هو الأول، لأن الإيمان به هو الإذعان بصدقه.
والذي هو الأرجح هو الثاني، لما أشير إليه من أن الآيات في مقام