إلا الله تفلحوا) * (1) لا يدل على أن الفلاح مرهون نفس القول ولو كان بنحو الاستهزاء والحكاية، فيكون المراد على هذا ما كان قولا حاكيا عن الإيمان القلبي. نعم لو ثبت شرعا أن الإقرار باللسان إيمان يصون به النفس والعرض والمال، لا تدل هذه الآية على خلافه، لإمكان إسراء الاحتمال إليها، وهو كون النفي ناظرا إلى نفس الإيمان القلبي، وتكون الآية في موقف إنذار المؤمنين عن تدخل الأجانب المفسدين في أمورهم، وتكون في معرض إخبارهم بوجود المنافقين فيهم، من غير كونها بصدد نفي الإيمان، الذي هو موضوع لتلك الأحكام المحررة الشرعية في فقه الإسلام، كما سيأتي بعض الكلام حوله في البحوث الفقهية.
البحث الثاني في مسألة اختلافهم في أن الكافر أسوأ حالا أم المنافق (2) يمكن الاستدلال بهذه الكريمة وما بعدها من الآيات الواردة في حق المنافقين على أن المنافقين أسوأ حالا من الكفار الجاحدين، وذلك لاشتمال الآيات الكثيرة على تعييرهم وذمهم وسوء عاقبتهم، وأما في حق الكافرين فلا تكون الآيات في هذه السورة بتلك المثابة، مع أن آيات الكفرة تشمل المنافقين، ولا عكس، فتأمل جدا.