ونظيره قوله تعالى: * (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا) * (1) فإن الإسراء هو السير في الليل، والآية تفيد أن السير كان في واحدة من الليالي. هذا، مع أن التجريد نوع تحسين في الفصاحة أو البلاغة، وقد تعارف ذلك بين أهل الأدب.
وهم ودفع يظهر من اللغة أن " نذر " الثلاثي بمعنى علمه فحذره واستعد له، يقال: نذروا بالعدو، أي علموا به فحذروه. وفي " الأقرب ": أنذرت القوم سير العدو إليهم فنذروا (2). انتهى. فيكون مطاوع الإنذار.
وبالجملة: النذير مصدر وجمعه نذر، وهو بمعنى الإنذار، والمنذر الرسول، فعلى هذا يشكل الأمر في الاستعمالات الرائجة في الكتاب، من جعل " النذير " صفة كالبشير، وقد قصد بذلك أنه المنذر، لا المنذر.
أقول: إني وإن بنيت على أن لا أذكر خصوصيات كل لغة لدى المناسبات، حذرا عن الإطالة، إلا أنه قد وقعت الزلة، فليعذرني القارئ الكريم. ولو كان ما أفيد صحيحا لكان قوله تعالى: * (إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا) * (3) خلاف القاعدة حتى في كلمة " البشير " لأن " بشر " الثلاثي أيضا ليس بمعنى التبشير. نعم قد صرح اللغويون: بأن البشير