الحيوان لو كانوا يعلمون) * (1)، وتدرك الفاسقين والملحدين بالاستحقاق، من غير صحة استناد ذلك بلا توسط إليه تعالى، فهي - في النظام الإلهي - كالسلطان العادل، لا يفعل إلا حسب الاقتضاءات والاستعدادات، وأما لزوم دفع شر النار عليه تعالى، فهو كلزوم دفع شر الأشرار في الدنيا، فكما لا ملزم عقلا عليه تعالى في هذه النشأة، كذلك الأمر هناك، فليتدبر.
فإذا صح ذلك ينتفي البرهان ويتبين جواز التعذيب وإمكان كون المذنبين مستحقين. والله العالم بحقائق الأمور.
البحث السادس حول كون العذاب من الآلاء ربما تشعر هذه الآية - لمكان قوله تعالى: * (ولهم عذاب عظيم) * - بأن العذاب العظيم من الآلاء الإلهية والنعماء السبحانية، وأن فيه الخير الكثير، وفيه العائدة الراجعة إلى المعذبين، ويكون ذلك العذاب العظيم خيرا لهم لا عليهم، ففي الإتيان باللام ربما كان النظر إلى الإشعار بتلك المسألة، التي برهن عليها في المسائل الإلهية وحررت في الفن الأعلى (2)، وقد فرغنا عن توضيحها في قواعدنا الحكمية.
وإجمالها: أن الإنسان في هذه النشأة الدنيئة: تارة يزاول