الأخلاق والآداب وصية من راقم هذه الحروف إلى القارئ الأخ الكريم وإلى قرة عيني العزيز:
اعلم: أن الإنسان فيه قوة الخيرات والشرور، وفيه مادة الحسنات والسيئات، ولا تغلب لهذه القوة وتلك المادة إلى جانب من الجوانب وناحية من النواحي باقتضاء من ذاتها، بل هي تابعة للصور الواردة عليها، فإن خيرا فهي إلى الخير متحركة، وإن شرا فهي إليه مائلة ومجبولة.
وتلك الصور الواردة ليست خارجة عن اختيار الإنسان إلا أن منها ما في تحت إرادة الآباء والأمهات، فإذا كانت الأصلاب شامخة والأمهات مطهرة، يلد الإنسان الجامع للهيئات الحسنة، القابلة للحركة نحو الخيرات المطلقة ويأتيان بالمولود المجبول على الحسنات والمشعوف بالخيرات، وإذا كانت الأصلاب والأرحام منحرفة ومظلمة، فتكون النطف محجوبة بالحجب الظلمانية، وبالقوى والطبائع المنحرفة الشيطانية، فيأتيان بالمتهودين والمتنصرين، كما ورد: أن أبويه يهودانه وينصرانه، وإلا