البحث السادس حول عدم الإتيان بالباء في * (ما أنزل من قبلك) * لأحد أن يسأل عن وجه عدم الإتيان بالباء الجارة في الجملة الثانية والإتيان بها في الجملة الثالثة، ولو كان " ما " الثانية موصولة كان يتعين ذلك عند جمع من النحاة، للزوم إعادة الجار.
وقال أبو حيان: لم يعد حرف الجار في " ما " الثانية، ليدل [على] أنه إيمان واحد، إذ لو أعاد لأشعر بأنهما إيمانان (1). انتهى.
وأنت قد عرفت، أن في تقديم الإيمان بما انزل إليك إشعارا بأن الإيمان بما انزل من قبله من شعب الإيمان بما انزل إليه، بل هو عينه، وأما إذا كان يعيدها لما أمكن توهم أنها " ما " النافية وإذا لم يعد يتأكد هذا الاحتمال، أي يؤمنون بما انزل إليك، وما انزل، أي ما كان انزل القرآن من قبلك.
والذي يسهل الخطب: أن حسن الكلام واقتضاء الطبع أورث ذلك بالضرورة، مع أن في الإتيان بالباء في الجملة الثالثة إفادة توكيد للإيمان والإيقان بالآخرة، فليتدبر.