وقريب منه: * (الله يستهزئ بهم) * حيث نادوا بلسان ذاتهم الاهتداء والنجاة، ولكنه تعالى أخرجهم من النور الأولي الطبعي إلى الظلمات البهيمية والسبعية والشيطانية التي هي الاكتسابية الثانوية، فسخر منهم بأحسن السخرية.
* (ويمدهم) * بترددهم على شياطينهم وبمصاحبتهم معهم، وبأفعالهم الكاسدة الباطلة * (في طغيانهم) * الحاصل من سوء اختيارهم وعصيانهم، المحصول من أفعالهم السيئة * (يعمهون) * أيضا باختيارهم، فلا يترددون إلا لأجل خبثهم.
وعلى مشرب عرفاني * (إنما نحن مستهزئون) * كلا ثم كلا، لو كان ما تخيلوه من إسناد الاستهزاء إلى أنفسهم له الواقعية، ف * (الله يستهزئ بهم) * لا هم، ويمد المنافقين * (يعمهون) * في طغيانهم، قضاء لمقتضى الاسم " المضل " و " المنتقم ".
وبتعبير آخر: * (الله يستهزئ بهم) * باختيارهم مظهرا لهذا الفعل المتجدد المستفاد من المضارع، فإنهم ينبغي أن يكونوا مظهر الأسماء الإلهية، فاستهزأ بهم الله بمدهم وجرهم * (في طغيانهم يعمهون) *، ويتعدون عن حدهم، وهو الصدر، أي وجه القلب الذي يلي النفس، ويسافرون إلى الطبيعة وما دونها، فينغمرون في عمى القلب بانقلاب وجهه وبإبطال صدره، فيحشرون على باطن الطبيعة وأدونها.