التوجيه السادس هل الإنذار لغو؟
أن الجملة الاستفهامية بحسب الصورة تكون ظاهرة في أن إنذارك فيما مضى وسبق وعدم إنذارك سيان، فيكون ما صدر من جنابه (صلى الله عليه وآله وسلم) من اللغو غير اللائق بجنابه (صلى الله عليه وآله وسلم)، كأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا ترك إنذارهم فما كان تارك الامتثال، ولا مخالفا لأمر مولاه.
وبالجملة: قضية التسوية بين الإنذار وعدم الإنذار في الزمان الماضي، هو كون الإنذار من اللغو ومما لا فائدة فيه، ولا وجه لحمل الجملة على المعنى الاستقبالي حتى يكون في موقف النهي عن الإنذار بعد ذلك، وأنه يلزم الاكتفاء بما سبق منه، كما لا يخفى. فالآية من هذه الجهة مورد المناقشة حسب الفصاحة أو البلاغة، بل لازم التسوية أن ترك الإنذار كان أولى، لأنه كان من ترك ما لا ينبغي لمقامه، فكان ينبغي من الابتداء أن يتنبه إلى التسوية حتى لا يكون من المنذرين.
أقول: وجه هذا التسويل والخيال الغفلة عن حقيقة الحال، حيث قال الله تعالى: * (إن الذين كفروا سواء عليهم) *، ولم يقل: سواء لك، فلا منع من كون الإنذار وعدم الإنذار متساوي النسبة بالنسبة إليهم، ولازما ومفيدا بالنسبة إليه (صلى الله عليه وآله وسلم).
هذا ولو كانت الجملة في موقف الترغيب والإنذار أيضا وبيان سوء