إخلاؤها من ذلك، كما يحرم إخلاؤها عن العالم بالأحكام التي يحتاج إليها العامة (1).
وقيل: لابد من شخص كذلك في كل إقليم، وقيل: يكفي وجوده في جميع البلاد المعمورة الإسلامية (2).
أقول: قد عرفت فيما مضى أن مقتضى النظر الدقيق الفقهي، عدم دلالة هذه الآيات على شئ من الأحكام الشرعية الإسلامية، فإن تلك الآيات في موقف المدح والتوصيف وبيان عظمة الكتاب العزيز، وأنه هاد لكل المتقين، والترغيب بالتقوى والهداية، والإرشاد إلى الإيمان بالغيب وأمثاله، من غير كونها بمنزلة الإيجاب الشرعي الفرعي.
وغاية ما تدل عليه: أنه على تقدير استفادة لزوم الإيمان به وبما انزل إليه من قبله، هو أن القرآن بألفاظه وسائر الكتب السماوية بألفاظها، مما نزلت عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى الأنبياء السابقين، وأما الاعتقاد بصحة جميع ما فيها، وصدق جميع القصص والحكايات المنطوية فيها، فهو ولو كان لازما، ولكنه لا تدل عليه هذه الآية، فالبحث المزبور ساقط جدا.
وربما يتوهم: أن الإيمان بالمجموع غير ممكن، لتنافي أحكامها وتناسخ بعضها بالبعض.
وتصدوا للجواب بما لا يرجع إلى محصل (3)، وأنت - بعد ما اطلعت على