والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه) * (1).
وعلى هذا تكون الأوصاف المذكورة صفة المتقين من جميع الأنواع المادية والروحانية، بل كانت نعت الأسماء والصفات، ومن تلك الأوصاف أنهم بالآخرة يوقنون، وحيث تكون الآية في موقف يستشم منها أن الحشر ثابت للمتقين، فيعلم منها ثبوت الحشر لجميع المتقين من الأنواع المختلفة.
نعم بناء على بعض التقاريب الماضية والتحارير السالفة، كانت الآية في موقف إفادة مدح الموقنين بالآخرة، سواء كانوا من المحشورين أو من غير المحشورين، وعلى التقدير الثاني سواء كان عدم حشرهم لعلو مقامهم، لما أنهم محشورون في عالم الأسماء والصفات بل والذوات، أو لعدم لياقتهم للحشر، فلتتدبر تعرف جدا.
وغير خفي: أن ما هو جهة المدح هو الإيقان بالآخرة وبأصل المعاد والنشأة الثانية، وأما اختلاف الناس حسب الحشر وحسب المعتقدات، فهو لا يضر بذلك حسب هذه الكريمة الشريفة.
إفادة وكفاية إن الدار الآخرة ليست أخيرة الحركات الاشتياقية، وليست منتهى سير أرباب الأسفار الروحانية، بل هي وسط الطريق، والتوصيف نسبي، أو أريد منه جميع النشآت المتأخرة الغيبية، كما أريد من قوله: * (يؤمنون بالغيب) * جميع النشآت والكينونات الغيبية المتقدمة، أو هو أعم، والله أعلم.