العرفان وبعض بحوثه البحث الأول حول وجود الآخرة الإيقان بالآخرة والإذعان بالنشأة الثانية والأخيرة من غير توصيف الآخرة بشئ معلوم، إيماء إلى أن كل آن وفي كل شأن تكون الدنيا وتكون الآخرة، فإن الأشياء - حسب حركتها الذاتية، وحسب التجليات المستندة إلى مختلف الأسماء والصفات - تكون كل يوم في شأن، فقوله تعالى:
* (وبالآخرة هم يوقنون) * من غير تقابل بينهما وبين الحد المعين من الدنيا، يكون في قوة الظهور في أن المتقين الموصوفين بتلك الأوصاف الجمالية والنعوت الكمالية، والمؤمنين المنعوتين بتلك الأوصاف الحسنة والمنزهين عن الرذائل السيئة، لا يكون رأيهم مقصورا على الآخرة الخاصة، بل متوجهون إلى الدار الآخرة وهم في كل آن فيها، فإن الآخرة في باطن الدنيا، وتكون مسيطرة على أهلها، وأهلها دائما فيها وناظرون