الأخلاق والمواعظ القرآنية اعلم يا شقيقي في الإيمان، ويا صديقي في الطريق القويم والصراط المستقيم: أن الكتاب الإلهي كتاب الدعوة إلى الحق بأنحائها، وكتاب الوعظ والإرشاد والتوجيه إلى المعارف والأوصاف الفاضلة والنعوت الإنسانية، ويؤدب القارئ في مطاوي قضاياه وقصصه بأنواع الآداب البشرية والرسوم المعقولة الفاضلة، ومن ذلك أن النظر إلى هذه الآية وإن كان يوهم أن من الأوصاف الإنسانية المداراة مع الناس، والله تعالى أولى بذلك من غيره، فكيف رضي بالاستهزاء بهم ولم يدارهم؟! وكيف يمدهم في طغيانهم يعمهون، وقد أمر بالمداراة مع الخلق والصبر على البلاء والحلم في مواقف الظلم والتعدي؟!
ولكن الدقيق من التأمل والحقيق من التفكر، يورث أن المنافقين وإن خلوا إلى شياطينهم إلا أن الخلوة معهم والتستر في كفرهم وعنادهم لم يستلزم هتك حالهم وكشف سريرتهم، والذي أوقعهم في افتضاحهم، فأصبحوا مهتوكين بين العوام والأنام، وعلى روس الخاص والعام، ما أظهروه وشهدوا على أنفسهم بكفرهم وبأنهم هم المستهزئون، فأخذ الله عليهم واستهزأ بهم