وإن أريد من هذا دعوى انحرافاتهم الروحية فلا يلزم مجاز في المفرد.
والإنصاف: أن في عرفنا هذا يكثر استعماله في مطلق الأسقام والآلام المعنوية والجسمية، إلا أن عند السؤال عن مفهوم هذه المادة بلا اقترانها بالقرائن الخاصة، يتبادر الجواب إلى أنه الانحراف الجسماني.
ويحتاج إثبات الأعمية إلى مؤونة غير معلومة جدا، وقد اضطربت كلمات اللغويين في هذه المسألة كما عرفت، ومع ذلك يكون الأقرب إلى عبائرهم الاختصاص، وهو المساعد للاعتبار، لأن في بدو حدوث اللغات، لم يكن توجه من أهل الاستعمال إلى هذه التوسعة، ثم بعد ذلك يستعمل للمناسبات والأغراض. وهذا أصل أصيل في فهم الحقائق من المجازات.
المسألة الثانية حول كون " مرض " مصدرا قد استفادوا من أهل اللغة أن كلمة " مرض " مصدر، ومعناها كذا وكذا (1). وهذا غير صحيح، ضرورة أن المعاني التي ذكروها مخصوصة بما ليس بمصدر، فإن المصادر ومادة المشتقات هي المعاني الحدثية، ولا يعقل أن يكون المرض الذي معناه كذا وكذا، وهو من الكيفيات الخارجية الموجودة الباقية الذات، مصدرا، ولأجله قال سيبويه: هو مصدر