البحث الثاني حول إتيان " ما انزل " بصيغة الماضي ربما يتوهم أن في المقام خلاف البلاغة من جهة الإتيان بصيغة الماضي، ضرورة أن هذه الآيات في موقف مدح المتقين، والمتقون المهتدون هم المؤمنون بجميع ما انزل إليه (صلى الله عليه وآله وسلم)، لا بما انزل إليه حسب الظاهر منه، وهو المقدار الموجود النازل إلى عصر نزول البقرة، ففي المقام نوع قصور لا يناسبه الكلام الجائي من قبل الحق المتعال.
وأجيب: تارة بأن التعبير بالماضي لأجل تغليب الموجود على ما لم يوجد، ولأنه إذا كان بعضه نازلا وبعضه منتظر النزول، جعل كأن كله قد نزل (1). انتهى.
ولا يخفى ما فيه من الخروج عن أدب القرآن وأدب الحق الباري عز اسمه وكلامه.
وأخرى: بأن المراد هو الجميع، لاقتضاء السياق والسبق له، من ترتب الهدى والفلاح الكاملين عليه، ولوقوعه مقابل ما انزل من قبله، ولاقتضاء يؤمنون المنبئ عن الاستمرار، والجميع لم ينزل وقت تنزل الآية،