الحصر فيكون الأمر أشنع وكذبهم أظهر وأبرز، وفي ذلك إصرار منهم على كتمان مقصودهم، من التخريب والنفاق وإيجاد الخلل والاختلاف وقوة بنائهم وإرادتهم لهدم أساس الإسلام وبنيان الإيمان.
فلما كان الأمر كذلك نادى بأعلى صوته وأعلن إعلانا عاما، وأعلم بالأحرف الاستفتاحية: * (ألا إنهم هم المفسدون) *، وأكد كلامه بالجملة الاسمية، وب " إن " التأكيدية، وبإتيان ضمير الفصل والعماد، مضافا إلى تعريف المسند الذي قالوا: إنه دليل الحصر.
فانظروا يا أيها البلغاء إلى كيفية المقارنة بين الجملتين اللتين إحداهما من المنافقين، والأخرى من رب المنافقين، وأنهم كيف كتموا مرامهم بأستار العبائر، وهو تعالى كيف كشف عن وجوههم الخبيثة بكواشف الكلام على الوجه التام والسبيل الأكمل والطريقة الأتم في أخصر عبارة.
الوجه السادس حول متعلق الإصلاح ولا يظهر من الآية الشريفة خصوص مرادهم من الإصلاح، كما لا يمكن تعيين مقصودهم من الفساد، وقد عرفت أن إهمال الشريفة هذا الأمر، ربما يدل على أنه ليس أمرا خاصا، بل هم يتشبثون بمطلق الإفساد، ويرون ذلك من الإصلاح حسب أغراضهم.
فالخلاف في ذلك أيضا في غير محله وإن حكي عن ابن عباس: أن