الخلاف المعروف في مسألة تباين القوى بعضها مع بعض، والكل مع النفس. فبالجملة: يستظهر من الكتاب الإلهي أن السامعة والباصرة في عرض الناطقة والقلوب العاقلة، لا في طولها وخدمتها.
أقول:
أولا: قد احتملنا - في بحوث البلاغة - أن تكون الآية بالنسبة إلى انطباقها على الذين كفروا وعلى الذين لا يؤمنون، على سبيل منع الخلو، لا المنفصلة الحقيقية، فلا يصح الاستدلال المزبور، لأن الذين طبع الله على سمعهم غير الذين طبع الله على قلوبهم إمكانا لا وجوبا.
وثانيا: لأحد أن يستظهر من الكريمة اشتداد الطبع، أو أن المتكلم في مقام إفادة شدة الانحراف إلى حد الاستغراق في بحار الظلمات، فلم تبق لهم قلوب يفقهون بها، ولا آذان يسمعون بها، ولا أبصار يبصرون بها، بل هم لأجل هذه الانحطاطات في العذاب العظيم خالدون، ولا تدل الآية على شئ من تلك المسائل نفيا ولا إثباتا.
البحث الخامس حول جواز تعذيب الكفار من المسائل الخلافية مسألة جواز تعذيب الكفار، وقد ذهب إليه أكثر الفرق الإسلامية، وعن فرقة منهم: أنه لا يحسن، واستدلوا بأدلة عقلية إن تمت لا تقاومها النقليات، من الكتاب كانت أو من السنة،