قواها، فتحمل الآية على المجاز في الإسناد، وإلا فقضية الأصل المزبور - المستنبط من بناء العقلاء في المحاورات - هو الحمل على الحقيقة اللازم لكشف حال النفس، وأنها من المجردات واللطائف الروحانية، وأنها تتكدر بالمعاصي والآثام، فيطبع على إدراكها العقلاني وحسها السمعي، ويجعل على بصرها الغشاوة التي تناسب ذات الإنسان والجوهر المجرد، من الطبع والغشاوة، لا الغشاوة والطبع الجسمانيين، وذلك لأن طبع كل شئ بحسبه، وغشاوة كل موجود بالنسبة.
وفي النتيجة: وصلنا إلى أن أرباب الفضل والتفسير - صدرا وذيلا - انغمروا في ماء المادية وبحر الطبيعة الجسمانية، فلم يجدوا هناك طبعا ولا غشاوة، فحملوهما على ما حملوه، ولو تفطنوا إلى هذه المنزلة الرفيعة وتلك اللطافة والصفاء في الجوهر الإنساني، لحكموا بأن هذه النسب كلها على الحقيقة في هذه المنزلة واللحظة، فلا تخلط.
البحث الثالث حول عدم تعدد النفس من البحوث المحررة في الفن الأعلى: هو أن لكل بدن نفسا واحدة، وأن القوى التي تنشعب منها تنشأ منها وترجع إليها (1). وفي تعبير آخر: هي شؤون ذاتها وتفاصيل هويتها.