أقول: في جميع هذه التفريعات والاستنباطات مناقشة، بل كلها ممنوعة، وذلك لأن الآية الشريفة تصدت لحكاية مقالة القائل المجهول هويته وشخصيته، وأنه هل هو الله تعالى والرسول، أو هو غيرهما مما لا حجية لأقوالهم، ومجرد الحكاية لا يوجب اعتبار مقالتهم، فإذا قيل لهم: آمنوا، ليس إلا نقل حكاية الأمر الإرشادي، وقد فرغنا عن تعيين أن القائل كان منهم، ولو كانت القضية فرضية، فلا إطلاق لها، لعدم كونها في مقام بيان أزيد من توغلهم في النفاق والكفر، وانغمارهم في العناد والفساد، ورفضهم للحق وطردهم للإسلام والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلا يستفاد من هذه الآيات شئ مما ذكر، ولأجل ذلك انحذف المؤمن به في الآية، لعدم النظر إليه في الحكاية، والتمسك بالإطلاق المزبور كالتمسك بعموم الحذف، فيكون المأمور به مجرد الإيمان بأي شئ كان، فكما أن الثاني باطل بالضرورة، فالأول أيضا مثله، فلا تخلط.
الفرع الرابع حول حرمة مسلك التأويليين يمكن أن يستدل بهذه الكريمة الشريفة على بطلان طريقة التأويليين الذين أخذوا في الإسلام سبيل التأويل، وبنوا على إرجاع ظواهر الآيات البينات إلى بواطن ظنوها، وإلى اللب الذي توهموه، وهؤلاء شرذمة من المتعمقين الذين يجدون أنفسهم في الأفق الأعلى،