الأخلاق والإرشاد اعلم: أن الإيمان من جنود العقل، وقد تصدت الآيات الأربعة السابقة لبيان حال المؤمنين وصفة المتقين، والكفر من جنود الجهل، وقد تصدت لبيان حال الكفار هاتان الآيتان.
وبعبارة أخرى: إن الإيمان من أحكام الفطرة المخمورة، والكفر من آثار الفطرة المحجوبة، وقد تقرر لأهله في محله: أن الإنسان مفطور على عشق الكمال و [النفور] عن النقص، فيكون متحركا ومتوجها إلى الإيمان، لأنه كمال الطبيعة والطينة ومنزجرا وفرارا عن الكفر، لأنه النقص، وهذه الكبريات مما أقيم عليها الشواهد والوجدانيات مشفوعة بالبراهين والأدلة والآثار.
والذي هو الأهم في نظر السالك، ويهتم به في السير: هو أن يتحقق العبد بصفة الإيمان، حتى لا يكون كافرا في جميع الاعتبارات وفي كافة الآفاق، وهذا الكفر هو الذي يحتجب به الإنسان بأنواع الحجب، ولا يتمكن بعد الاحتجاب من خرقها وهدمها إلا بالعناية الإلهية وبالممارسة والمجاهدة النفسانية، ولا يشرع - في حكومة العقل - أن يكتفي