إن قلت: بناء على هذا يتولد مشكلة: وهي أن الجاهل المركب المعتقد بمقالته، معذور في فعاله وصنعه واعتقاده الباطل، فلا يصح توبيخهم وتثريبهم على أمورهم، ولا يصح عدهم من السفهاء.
قلت: قد فرغنا عن حل أمثال هذه المعضلات والمشكلات في الآية السابقة، وذكرنا بتفصيل: أن الاهتمام بشأن المسلمين حين طلوع الإسلام، كان مما يجب على صاحب الإسلام، حفاظا على الإسلام ودفاعا عن حق المسلمين. هذا، مع أنهم بالجهل المركب لا يخرجون عن السفه الواقعي.
ومن هنا يظهر: أن المحذوف ومفعول * (لا يعلمون) * هي سفاهتهم، ويمكن إبداع الاحتمالات الأخر التي مرت في الآية السابقة بأنحائها، ويحتمل أن لا يكون للفعل مفعول مخصوص، لأن النظر مقصور في توصيفهم بمطلق الجهل.
النكتة العاشرة حول تعارض المتوهمة في الآيات ربما يخطر بالبال مناقشة: وهي المعارضة المتوهمة بين قوله تعالى في ابتداء هذه الآيات: * (وما هم بمؤمنين) *، وقوله تعالى: * (آمنوا كما آمن الناس) *، فإن التشبيه يتضمن التقييد، ونتيجة التقييد: أن من خوطب بالإيمان المقيد كان هو مؤمنا في أصل اللغة، مع أنهم ما كانوا مؤمنين.