إنما البحث حول أن قضية حدوث الكلام والعالم حدوث الصفة، وهي الإرادة، لأنها متعانقة مع المراد، وغير منفكة عنه، فلابد من الالتزام بأن الإرادة من أوصاف الأفعال، وليست من نعوت الذات، خلافا للفلاسفة قاطبة، والذي هو الحجر الأساسي أن الإرادة التي هي الفعل، لابد وأن تستند إلى الإرادة الذاتية والاختيار الذاتي، وهي تابعة في عليتها لكيفية تعلقها، فإن تعلقت بشئ أن يوجد فيما لا يزال، فلابد أن يكون الأمر كذلك، والتخلف عن ذلك خلاف قاعدة العلية، فالإرادة وإن كانت في حقه تعالى الجزء الأخير من العلة التامة - على تسامح في التعبير - إلا أن أمرها بيد المريد المختار بالاختيار الذاتي، فما تخيله أبناء الكلام وأولاد العلوم المتروكة في هذه المقامات (1)، فهو مما لا يصغى إليه، لا سيما في هذا العصر عصر النبوغ والمحققين وزمان الفكر والمدققين. أعاذنا الله من شرور أنفسنا إن شاء الله تعالى.
البحث الثاني حول الجبر والتفويض إن الظاهر من قوله تعالى: * (إن الذين كفروا) * هو أنهم قد كفروا عن اختيار، فلهم أن يرجعوا إلى الإيمان، لأن الكفر الاختياري تبقى اختياريته، فإذا كان الأمر كذلك فيكون التسوية بين الإنذار وعدم الإنذار بلا وجه.