وإعلام للمؤمنين بأن يتوجهوا إلى أن حال المنافقين معكم ذاك، وحالهم مع الشياطين أمر آخر، فهذا وإن كان بحسب المدلول تكرارا إلا أنه تكرار حسن ولازم في الكلام حتى يعلم المؤمنون قصتهم.
ومن هنا يظهر ما في توهم الفخر: من أن قولهم: قالوا: آمنا، هو الإخلاص بالقلب، لأن إقرارهم باللسان كان معلوما (1). انتهى.
الوجه الثالث حول التأكيد عند مخاطبة الشياطين من الوجوه الملحوظة في هذه الكريمة: أن المنافقين حين لقائهم مع المؤمنين قالوا: آمنا، وكان مجرد إقرارهم بالإيمان - من غير حاجة إلى التأكيد - كان كافيا في تعمية الأمر عليهم، ولأن الكاذب المنافق ربما يجتنب حسب الفطرة عن تأكيد الكذب، لما في قلبه من الالتفات إلى حاله ونفاقه، أو كانوا يعتقدون أن التأكيد ربما كان ينتج عكس المطلوب، لما لا يتعارف ذلك بين المنسلكين في سلك المؤمنين.
وأما إذا خلوا إلى شياطينهم، أكدوا كلامهم بالجملة الاسمية وبأداة التأكيد، حذرا من توهم الشياطين انسلاكهم فيهم، وتعمية الأمر عليهم بالاهتداء إلى الإسلام والإيمان، فإن المتوسطين بسطاء في جميع الأمور والقضايا.