يكون ذيل الآية دليلا على أن المحذوف والمستثنى منه عنوان الشئ وأمثاله، لأن مقتضى نفي الشعور عنهم صدق العناوين غير الشاعرة عليهم كما لا يخفى.
وأما خداع أنفسهم فسيأتي تحقيقه في بعض البحوث الأخر، ولكن قضية الأنظار العرفية في هذه الآيات: أن النظر يكون إلى حقيقة الخدعة، وإلى ما هو مغزاها ومرجعها حسب التبعات والمقتضيات في النشآت الأخروية، أو يكون المقصود إفادة أن الخدعة إذا كانت معلومة عند من أريد خداعه، لا تكون إلا خدعة الخادعين، لأنها ليست من الخدعة واقعا بالنسبة إليهم، فترجع إلى أنفسهم، ويكونون هم المخدوعين، غافلين عن ذلك، ولا يشعرون بذلك.
الوجه العاشر دلالة " وما يشعرون " على الاستثناء المنقطع في مفعول * (ما يشعرون) * خلاف، كما أشرنا إليه، والأظهر ما مر أخيرا: من أنهم لا يشعرون برجوع خداعهم على أنفسهم، لما يعتقدون أنهم مخادعون المؤمنين غفلة عن اطلاعهم على حال المنافقين.
وهنا نكتة: وهي أن مقتضى قوله تعالى: * (وما يشعرون) * كون الاستثناء منقطعا، ولو كان المستثنى منه عنوان الأحد وأمثاله - مما ينطبق على ذوي الشعور - فإذا كانت الآية هكذا: وما يخدعون أحدا إلا أنفسهم،