الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، ففي هذا الكلام نهاية البلاغة وغاية الدقة، مع أن مقتضى المجاوبة أنه أريد نفي السفه عن الآخرين وعن المنتسبين إلى السفاهة في كلامهم، فيفيد الحصر للقرائن الخاصة. وأما توهم إفادة تعريف المسند أو أمثال ذلك الحصر في الكلام، فهو عندنا غير تام، كما حررناه في علم الأصول (1).
النكتة التاسعة حول عدم العلم بالسفاهة قد عرفت أن السفه بحسب أصل اللغة من الجهل، فعلى هذا إذا قيل في حقهم: * (ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون) * فهو في قوة أن يقال:
ألا إنهم هم الجاهلون، ولا يدرون أنهم جاهلون، فيكون جهلهم جهل مركب لا بسيط، ولأجل ذلك وإفادته ربما اختلفت هذه الآية في الاستدراك عن الآية السابقة، فهناك إنهم لا يشعرون ولا يملكون شعورا، لأن الفساد والإفساد من الأمور البديهية التي يشخصها ذوو الألباب الأولية، فضلا عن الأحبار وأمثالهم، فإذا قصروا عن ذلك فهم لا يشعرون، ولا يكونون من ذوي الشعور والإدراك الإحساسي، بخلاف الإيمان في هذه الآية، فإنه من الأمور الكلية المحتاجة إلى دقة النظر والتدبر والتفكر، ولكنهم قاصرون عن ذلك، وجاهلون بقصورهم، فيكون جهلهم مركبا.