وأما ما قد يقال: إن صفة العلم لا تتعلق بها القدرة دون سائر الصفات، فكيف تتعلق بتجهيله تعالى قدرة العباد، فهو من الجزاف، لأن العلم الذاتي وسائر الأوصاف الكمالية الذاتية لا يتعلق بها القدرة، وأما العلم الفعلي وسائر الكمالات الفعلية يتعلق بها القدرة، إلا أنه في الأزل تعلقت قدرته بأن يعلم في مقام الفعل، كما تعلقت قدرته في الأزل بالإضلال والهداية.
تذنيب هذه الشبهة تأتي بالنسبة إلى إخباره تعالى بأنهم لا يؤمنون، فإن كان الخبر صادقا فيخرج الأمر عن الاختيار، وإن كان كاذبا فهو بديهي البطلان.
والجواب الجواب، ضرورة أن صدق الخبر لا يورث كون مفاد القضية خارجا عن اختيار المخبر عنه، بل المخبر عنه يوجد ذلك بالاختيار، كما إذا أخبر بأن زيدا يكفر بالاختيار، فإن صدق هذه القضية منوط بأن يكفر بالاختيار، فلا يلازم صدق القضايا الجبر وانسلاب القدرة.
تنبيه: إن الآية في موقف الترغيب قد تبين فيما سبق أن هذه الآية وأمثالها الكثيرة في أثناء الكتاب والتنزيل ربما تكون إخبارية في موقف الإنشاء والترغيب، وكأنه تعالى - مثلا - يريد أن يستبدلوا كفرهم بالإيمان، ولو كان ذلك عنادا له تعالى وقصدا